مقال

الورع وسبيل الإحتياط

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الورع وسبيل الإحتياط
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 6 ديسمبر

الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين، أما بعد إن بواعث الحياء من الله تعالي هو المحبة، فهل هناك أحب إلى المؤمن من الله؟ حيث يقول تعالي ” والذين آمنوا أشد حبا لله” فإذا كنت تحب الله حقا فما علامة حبك لله؟ فهل من المحبة أن تعصيه؟ هل من المحبة أن تقصر في حقه؟ ومما يبعث على الحياء من الله هو تعظيم الله وإجلاله، فكلما عظم الله في قلب العبد عظم حياؤه، أن يدرك العبد عظمة الله، وإحاطته، واطلاعه على عباده، وقربه منهم، وعلمه بخائنة الأعين وما تخفي الصدور، وإن الحياء من الله يتولد من علم العبد بنظر الحق إليه.

فيدفعه ذلك إلى مجاهدة النفس، وتحمل أعباء الطاعة واستقباح الجناية، والعبد إذا علم أن الله ناظر إليه أورثه هذا حياء منه تعالى، وكيف لا يستحي العبد من ربه وهو يعلم أنه يسمع ويرى؟ ألا تعلم يا عبد الله وأنت تقدم على معصية من المعاصي أن الله يراك؟ وألا تعلم يا عبد الله وأنت تخطط للوقوع في معصية من المعاصي أن الله يعلم سرك وعلانيتك؟ وألا تعلم يا عبد الله وأنت تتكلم بما لا يرضي الله، أن الله يسمعك؟ وألا تعلم يا عبد الله وأنت تنظر ببصرك إلى ما حرم الله النظر إليه، أن الله مطلع عليك؟ وقال رجل للجنيد كيف أستعين على غض البصر؟ قال بعلمك أن نظر الله إليك أسبق من نظرك إلى المنظور إليه، وألا تعلم يا عبد الله وأنت تلهث وراء الشهوات والمحرمات أن الله معك؟ مطلع عليك؟ ينظر إليك؟

فأين الحياء من الله؟ الحاضر الذي لا يغيب، الحي الذي لا يموت، الشهيد الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، السميع الذي يسمع جميع الأصوات على اختلاف اللغات والحاجات، البصير الذي يبصر النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء، واعلموا يرحمكم الله إن الورع دائما يسلك سبيل الاحتياط، وهو الأحوط، فخذ الأحوط تكن فى حرز حريز، وقد تحدثنا فى قواعد الحلال والحرام عن اتقاء الشبهات، وأن الحرام حرام على الجميع، وأن التحايل على الحرام حرام، وأن النية الحسنة لا تجعل الحرام حلالا، وأن فى الحلال ما يغنى عن الحرام، وما أدى إلى حرام فهو حرام، وهذه كلها قواعد أساسية فى الحلال والحرام، وإن نسبة الأشياء المحرمة إلى الأشياء المحللة نسبة ضئيلة جدا.

ومع ذلك رحمة بالخلق، ومراعاة لضعف الإنسان أحيانا، الله عز وجل في أربع مواضع في كتاب الله قال تعالى فى سورة البقرة ” فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم” وخصوصا في الأطعمة، فما معنى غير باغ؟ فأى إنسان أحيانا يشرف على الموت له أن يأكل لحم الخنزير، هو لا يبغى أن يأكله، لا يتمنى أن يأكله، لا يريد أن يأكله، ولكن أكله مضطرا، فإذا أكله مضطرا هل يأكل منه حتى يشبع؟ لا، يأكل منه القدر الذى يبقيه حيا، لا يتجاوز الحد الذى هو مضطر إليه، وهناك أشخاص إن أخذ ربا يتبحبح فيها، لذلك قالوا الضرورة تقدر بقدرها، ولو إنسان مضطر أن يأكل لحم خنزير، كم لقمة يأكل حتى يزول عنه خطر الموت؟ ليس حتى يشبع.

وهنا معنى ” فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم” فلا يبغى أن يعصى الله، ولا يبغي التمتع بهذا الحرام، ولا يريد أن يتجاوز الحد الذى ينجيه من الهلاك، وهذا معنى قوله تعالى” فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى