مقال

تحقيق العيش الكريم للمجتمع

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن تحقيق العيش الكريم للمجتمع
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأثنين الموافق 11 ديسمبر 2023

الحمد لله أعظم للمتقين العاملين أجورهم، وشرح بالهدى والخيرات صدورهم، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وفّق عباده للطاعات وأعان، وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله خير من علم أحكام الدين وأبان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أهل الهدى والإيمان، وعلى التابعين لهم بإيمان وإحسان ما تعاقب الزمان، وسلم تسليما مزيدا، أما بعد قال يحيى بن معاذ “من استحيا من الله مطيعا استحيا الله منه وهو مذنب” وقال ابن القيم شارحا لهذا القول “المعنى من غلب عليه خلق الحياء من الله حتى في حال طاعته فقلبه مطرق بين يدي ربه إطراق مستحي خجل فإذا واقع ذنبا استحيا الله أن ينظر إليه في تلك الحالة لكرامته عليه” وقال سليمان بن عبد الملك “إذا أراد الله بعبد هلاكا نزع منه الحياء، فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلا مقيتا ممقتا”

وقال بعض العرب إني كأني أرى من لا حياء له، ولا أمانة وسط الناس عريانا، فإن الحياء بهذا المعنى خير كله، ولا يأتي إلا بخير، فلنحرص عليه فإنه من صفات المرسلين، وهو داعي إلى هجر المعصية خجلا من الله، وداع إلى فعل الطاعة بوازع الحب لله، ومن فضائله أنه يكسو المرء الوقار فلا يفعل ما يخل بالمروءة والتوقير، ولا يؤذي من يستحق الإكرام وهو دليل على كرم السجية وطيب المعدن والمنبت، ويتحقق للمجتمع العيش الكريم، والعمل الصالح في ظل الأمن العام، والتكافل التام، والتعاون الحقيقي الذي يصون الحرمات، وينمي الثروات، ويبعد شرح المنغصات والمكدرات، وإن التعبد لله تعالى بالاستقامة على دينه الذي شرعه الله تبارك وتعالى نظاما للمكلفين في الحياة، ودليلا على موجبات إسعادهم في الحياة وبعد الممات.

هو حق الله تعالى الذي هو أعظم الحقوق على الإطلاق، فحقه سبحانه على عباده أن يعبدون به، متبرئين من الكفر والشرك والنفاق، متأسين بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم في العلم والاعتقاد والقول والأخلاق، فمن أحسن أحسن الله إليه، ومن ظلم ثم تاب من بعده وأصلح فإن الله يتوب عليه، ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون، ومن أحدث فيه ما ليس منه فأولئك هم الأخسرون، فحق الله على عباده التوحيد، وحق العباد على الله العدل، بأن لا يعذب أحدا بغير ذنب، ومن أذنب وتاب فإنه تعالى يقبل التوب، ومن عوقب بذنبه فلا يزاد على ما يستحق، فإن الله تعالى قد حرم الظلم، وجعله بينهم محرما، ونهاهم أن يتظالموا، وإن من الحقوق العظيمة للمكلفين التي تضمنتها شريعة الله المحكمة الحكيمة حفظ الضرورات الخمس وهي الدين، والنفس، والعقل، والمال، والعرض.

فقد تضمنت شريعة الإسلام، علي أحكاما حازمة كثيرة ومتنوعة، لصيانة هذه الضرورات، وتزكيتها، وتقويتها، والمحافظة عليها من كل ما يخل بها، أو يبطلها، ويعطلها، ويحرم الإنسان منها، فليس من حق أي أحد أن يبدل دينه، ولا يجوز لأحد أن يضله عنه، وليس لأي شخص أن يقتل نفسه، ولا أن يقتل غيره من غير طريق الشرع، ولا أن يتعاطى ما يذهب عقله، ولا أن يتسبب في إزالة عقل غيره، ورحمة مال المرء كحرمة دمه، والأعراض قرينة النفوس والاموال في الحرمة، اللهم وفقنا لهداك، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق، اللهم ولي على المسلمين خيارهم، واللهم وفق ولي أمرنا لما تحب ترضى، اللهم خذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم وفقه للبطانة الصالحة، اللهم أنجِ المستضعفين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى