مقال

الإهمال والتقصير

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإهمال والتقصير
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 12 ديسمبر 2023

الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى، وأسعد وأشقى، وأضل بحكمته وهدى، ومنع وأعطى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي الأعلى، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المصطفى، والرسول المجتبى، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى، أما بعد خطب أمير المؤمنين الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز فقال في خطبته لكل سفر زاد، فتزودوا لسفركم من الدنيا إلى الآخرة بالتقوى، وكونوا كمن عاين ما أعد الله له من عذابه، فترغبوا وترهبوا، ولا يطولن عليكم الأمد فتقسوا قلبكم وتنقادوا لعدوكم، فإن الله ما بسط أمل من لا يدري لعله لا يمسي بعد إصباحه، ولا يصبح بعد إمسائه، وربما كانت له كامنة بين ذلك خطرات الموت والمنايا، وإنما يطمئن من وثق بالنجاة من عذاب الله وأهوال يوم القيامة.

فأما من لا يداوي من الدنيا كلما إلا أصابه جارح من ناحية أخرى، فكيف يطمئن؟ أعوذ بالله أن آمركم بما أنهى عنه نفسي، فتخسر صفقتي وتبدو مسكنتي في يوم لا ينفع فيه إلا الحق والصدق، وقال محمد بن أبي عمران سمعت حاتم الأصم وسأله رجل على ما بنيت أمرك هذا في التوكل على الله؟ قال على خصال أربع علمت أن رزقي لا يأكله غيري، فاطمأنت به نفسي، وعلمت أن عملي لا يعمله غيري، فاطمأنت به نفسي، وعلمت أن عملي لا يعمله غيري، فأنا مشغول به، وعلمت أن الموت يأتيني بغتة، فأنا أبادره، وعلمت أني لا أخلو من عين الله حيث كنت فأنا مستحي منه، وقال عبد الله بن المبارك يابن آدم استعد للآخرة، وأطع الله بقدر حاجتك إليه، وأغضب الله بقدر صبرك على النار، واعلموا يرحمكم الله إن العامل المشترك في الفساد بين هذه المؤسسات.

هو الإهمال والتقصير، والتعدي على لوازم العمل، وعدم الإتقان، وعدم الانضباط والالتزام بنظم العمل، والمحسوبية وعدم تكافؤ الفرص، وبخس العامل حقوقه، ومن صور الفساد في المجتمع هو السحر فقد سمى الله عز وجل فاعله مفسدا، وسمى الله تعالى عمل السحرة والسحر بأنه عمل المفسدين، وذلك لما يترتب عليه من فساد الأسر، والتفريق بين الزوجين وخراب البيوت، ومنها أيضا قتل النفس التي حرم الله، فقتل الأنفس المعصومة من كبائر الذنوب، ومن الإفساد في الأرض، وزوال هذه الدنيا وما فيها أهون عند الله عز وجل من قتل رجل مسلم، فيقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ” لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم ” رواه الترمذى، وإن فساد القتل ليس قاصرا على قتل نفس المسلم.

بل أيضا يشمل ذلك المعاهد، والمستأمن، فإن الله عز وجل، قد حفظ له حقه، فقد أخرج البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما،أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” من قتل نفسا معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما ” ومن الفساد أيضا زعزعة الأمن فالأمن في الأوطان مطلب كل يريده ويطلبه، فقريش أنعم الله عليها بنعمة الأمن، فأطعمها من جوع وآمنهم من خوف، وأن من يسعى لزعزعة الأمن إنما يريد الإفساد في الأرض، وأن تعم الفوضى والشر بين عباد الله، فما يحصل في بلادنا إنما هو إرادة للإفساد في الأرض، وإنما حملهم على ذلك الحسد لهذه النعمة نعمة الأمن، ونعمة الاستقرار الذي ننعم فيه في هذه البلاد، لذلك نهى الله تعالى عن الفرقة والتحزب، وأمر الله بالاجتماع، ونهى عن الاختلاف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى