مقال

التجبر والعدوان

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن التجبر والعدوان
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 12 ديسمبر 2023
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليّا مرشدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليما كثيرا، أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، إن هناك أمثلة ظاهرة وواضحة لأناس أمنوا مكر الله واغتروا بما لديهم حتى ساقهم ذلك الأمن والغرور للكفر والعناد والتجبر والعدوان، فوالله ما نفع قارون ماله وكنوزه ولم يعمل الذي آتاه الله الآيات بعلمه، ولم يكمل أصحاب الجنة مسيرة البذل والإنفاق التي ابتدأها مورثهم.

ولم يستثمر فرعون زعامته ورئاسته في الحق والعدل، ولم تغني الصحة عن الأبرص والأقرع شيء لمّا جحدوا نعم الله عليهم، ولم يتقرب أبي لهب إلى ربه بقرابته لمحمد عليه الصلاة والسلام وبنسته إلى قريش، ولم يفزع أبناء الوليد بن المغيرة لوالدهم الكافر لمّا عاند وخاصم الرب جل وعلا، لذا احذر أخي المسلم من مكر الله تعالى ولا تغتر بما آتاك الله من نعم سواء كانت مال أو علم أو رئاسة أو جنات أو صحة أو نسب أو ولد أو وزارة أو بلاغة أو ذكاء أو قوة أو أي شي كان فكل ذلك من الله له الفضل أولا وآخرا، وهو الذي يعز من يشاء ويذل من يشاء، ويعطي ما يشاء لمن يشاء، ويمنع ما يشاء عن من يشاء سبحانه له الأمر من قبل ومن بعد، وأن هناك أناس لو أنصفوا إلى أنفسهم وإلى مجتمعهم.

وأدركوا مزايا هذا الخلق الكريم، لتمسكوا به، ولصدرت أفعالهم عنه، ولعاشوا غرّة في جبين الزمان، وأدركوا ما أدركه أسلافهم من مجد عظيم، أشاد به المؤرخون، كلما قلبوا صفحات التاريخ الإسلامي، في عصوره المشرقة، وأيامه النضرات لأن من حفظ الرأس وما وعى، فلم ينظر بعينه إلى محرّم، بل يشاهد ملكوت السموات والأرض ليمتلئ قلبه إيمانا بالله القوي القادر، الذي خلق فسوى، وقدر فهدى، وأخرج المرعى، فجعله غثاء أحوى، ورفع السموات بغير عمد، وزينها بالشمس والقمر والنجوم والكواكب، وسخر الليل والنهار، كل منهما يجري إلى أجل مسمى، وسخر الفلك والمراكب تسير في البحر بأمره، وخلق الخلق وأحصاهم عددا، وقسّم الأرزاق ولم ينسي أحدا، وأنزل من السماء ماء القطر والمطر.

فأنبت به في الأرض من كل زوج وصنف حسن بهيج، ولم يستمع بهما إلا لما يرضي مولاه، وما ينفعه في دينه ودنياه، ومما يسير به قدما نحو مدارج السعادة والرفاهية، فاللهم اجعلنا من عبادك المتقين الخائفين الوجلين، اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا إلى النار مصيرنا، اللهم اجعلنا نخشاك حق خشيتك، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين، اللهم حبب المؤمنين إلى قلوبنا، واجعلنا اخوة متحابين فيك ياذا الجلال والإكرام، اللهم طهر قلوبنا وألسنتنا من كل فاحشة ورذيلة ياحي يا قيوم، اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى