مقال

ثمن جنات النعيم

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن ثمن جنات النعيم
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 23 ديسمبر

الحمد لله العليم الخبير، السميع البصير، أحاط بكل شيء علما وأحصى كل شيء عددا، لا إله إلا هو إليه المصير، أحمد ربي وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي الكبير، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدا عبده ورسوله البشير النذير، اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله ذوي الفضل الكبير أما بعد، يتألم المسلم لما يرى من كثرة القتلى والشهداء في بلاد المسلمين وحق للمسلم أن يحزن، لكن مما يسلي المسلم أن يتذكر ما أعده الله للشهداء في سبيله من منازل عالية وحياة كريمة كاملة، فالموت في الجهاد حياة أبدية، فإن بعد معركة بدر كان الناس يقولون لمن يقتل في سبيل الله فلان وذهب عنه نعيم الدنيا ولذتها فأنزل الله تعالي ” ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون “

وقال الحسن رضي الله عنه إن الشهداء أحياء عند الله تعالى، تعرض أرزاقهم على أرواحهم، فيصل إليهم الروح والفرح كما تعرض النار على آل فرعون غدوة وعشية فيصل إليهم الوجع، واستمعوا إلى أمنية رسول الله صلي الله عليه وسلم فقد روى البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” ولوددت أني أقتل في سبيل الله، ثم أحيا ثم أقتل، ثم أحيا ثم أقتل” فإنه الشوق للجنة، وذلك الذي جعل الصحابي خيثمة وابنه سعد رضي الله عنهما يتنافسان على الخروج إلى الجهاد في غزوة بدر حيث قال خيثمة لابنه سعد إنه لا بد لأحدنا أن يقيم فآثرني بالخروج وأقم مع نسائك، فأبى سعد، وقال لو كان غير الجنة آثرتك به، إني لأرجو الشهادة في وجهي هذا فاستهما فخرج سهم سعد فخرج فقُتل ببدر.

وإن أرواح الشهداء في جوف طير خضر لها قناديل معلقة تحت العرش تسرح في الجنة حيث شاءت الشهادة صفقة رابحة مع رب كريم فالله أكبر ما أعظمه وأجله من تبايع؟ الله المشتري، والثمن جنات النعيم، وقد ربح هذه البيعة الصحابي الجليل حارثة بن سراقة رضي الله عنه، وكان قُتل يوم بدر أتت أمه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت يا نبي الله ألا تحدثني عن حارثة فإن كان في الجنة صبرت، وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء؟ قال صلى الله عليه وسلم “يا أم حارثة إنها جنان في الجنة، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى” رواه البخاري، وإن في الجنة مئة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، ومن راح روحة في سبيل الله كان له بمثل ما أصابه من الغبار مسكا يوم القيامة.

وقال صلى الله عليه وسلم “رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه الذي كان يعمله، وأُجري عليه رزقه، وأمن الفتان” رواه مسلم، واعلموا يرحمكم الله إن مكر السيئات هو سبب للزلازل والعقوبات، وقد شهدنا زلازل عظيمة أهلكت بشرا كثيرا، ودمرت عمرانا عظيما، فنعوذ بالله تعالى من الجرأة على شريعته، وانتهاك حرماته، وتحريف آياته، والغفلة عن نذره، والأمن من مكره، ونسأله الهداية والعافية لنا وللمسلمين أجمعين، إنه سميع مجيب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى