مقال

الدكروري يكتب عن فضيلة الصدق وملازمته

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن فضيلة الصدق وملازمته

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن قلة العلم قد يكون سببا في الموت ويظهر هذا لما هلك صاحب الشجة، الذي سأل أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم حين أصابته شجة في رأسه وكانوا في البرد هل له رخصة في التيمم ؟ فقالوا لا نجد لك رخصة عن الغسل، فاغتسل فمات، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال ” قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذ لم يعلموا، فإنما شفاء العي السؤال” لذلك قال النبي صلي الله عليه وسلم “فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد” رواه ابن ماجه، وهذا الحديث الذي فيه قوله صلى الله عليه وسلم “عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر والبر يهدي إلى الجنة” رواه احمد، وعليكم بالصدق أي الزموه، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق يعني، في قوله وعمله.

 

ويبالغ ويجتهد حتى يُكتب عند الله صديقا، فهذا يعني أن الصدق لا يصل إليه الإنسان إلا بالمجاهدة، ولا يزال يصدق ويتحرّى الصدق، يتعمد ويتحرى ويقصد الصدق، ولا يزال ديدنه وعادته حتى يصل إلى المرحلة العظيمة وهي أنه عند الله صديقا، ويُكتب أي يثبت عند الله تعالى، وقال الإمام النووي معلقا على الحديث “فيه فضيلة الصدق وملازمته وإن كان فيه مشقة فإن عاقبته خير” وكلمة حتى يُكتب عند الله صديقا فيه إشارة إلى حسن خاتمة هذا الرجل، لأنه قال” ولا زال يصدق ويتحرّى الصدق حتى يُكتب عند الله صديقا ” رواه مسلم، فإذا كتب عند الله صديقا فهذه إشارة إلى حسن خاتمته، وإشارة إلى أن الصدق مأمول العواقب.

 

وأما عن الخمسة أمور التى هى مدخل صدق، ومخرج صدق، ولسان صدق، وقدم صدق، ومقعد صدق، فأما مدخل الصدق ومخرج الصدق بأن يكون دخوله وخروجه حقا شرعيا موافقا للكتاب والسنة في أي أمر من الأمور، وهو ضد مخرج الكذب ومدخل الكذب الذي لا غاية له يوصل إليها، فمخرج النبي صلى الله عليه وسلم، هو وأصحابه في غزوة بدر هو مُخرج صدق، ومُخرج الأعداء من كفار قريش إلى غزوة بدر هو مخرج كذب، ومدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى المدينة كان مُدخل صدق في الله وابتغاء مرضاة الله، هاجر وترك الوطن والأهل ابتغاء مرضاة الله، فاتصل به التأييد والظفر والنصر، بخلاف مُدخل الكذب الذي رام أعداؤه.

 

أن يدخلوا به المدينة يوم الأحزاب، فإنه لم يكن لله، ولا بالله، بل كان محادا لله ورسوله، فلم يتصل به إلا الخذلان والبوار” وقد فُسّر مدخل الصدق ومخرجه بخروجه صلى الله عليه وسلم، من مكة ودخوله المدينة، وهذا مثال على ذلك، وليس هو كل مدخل الصدق ومخرج الصدق، وإنما هو مثال عليه، والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم، مداخله ومخارجه كلها كانت مداخل صدق ومخارج صدق، لا يخرج من المدينة ويدخل بلدا، أو يدخل في أمر أو يخرج من أمر إلا لله وبالله، وما خرج أحد من منزله ودخل سوقه أو مدخلا آخر إلا بصدق أو كذب، فمدخل كل واحد منا ومخرجه لا يعدو الصدق والكذب، وكلنا الآن نغدو ونذهب، ندخل في أمر ونخرج من آخر، ندخل في مكان ونخرج من آخر.

 

ولذلك الدعاء بأن يدخلنا الله مُدخل صدق ويخرجنا مخرج صدق هو في الحقيقة دعاء لله أن يسددنا في جميع أقوالنا وأعمالنا، وأن يكون إقدامنا على الأمور وخروجنا من الأمور موافقا للكتاب والسنة، أما لسان الصدق الذي جاء في دعاء الخليل إبراهيم عليه السلام فهو الثناء الحسن عليه من سائر الأمم صدقا لا كذبا، وقد استجاب الله تعالى له فيه، فصار الناس يثنون على إبراهيم بعد موت إبراهيم بآلاف السنين، يثنون عليه ويذكرون سيرته ويتأسّون به، أما قدم الصدق الذي وعد الله به المؤمنين فقد فُسّر بالجنة، وحقيقة القدم ما قدموه في الدنيا من الأعمال والإيمان، وما يقدمون عليه في الآخرة وهي الجنة التي هي جزاؤهم، وهو مقعد الصدق، وهي الجنة عند الله عز وجل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى