مقال

إنتظار ظهور الإمام الحجة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن إنتظار ظهور الإمام الحجة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأثنين الموافق 25 ديسمبر

الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وما أقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وإمام المتقين وحجة الله على الناس أجمعين، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا أما بعد، قال ابن الجوزي اعلم أن الله عز وجل لا يرد دعاء المؤمن، غير أنه قد تكون المصلحة في تأخير الإجابة، وقد لا يكون ما سأله مصلحة في الجملة، فيعوضه عنه ما يصلحه، وربما أخر تعويضه إلى يوم القيامة.

فينبغي للمؤمن ألا يقطع المسألة لامتناع الإجابة، فإنه بالدعاء متعبد، وبالتسليم إلى ما يراه الحق له مصلحة مفوض، ثم لابد من التنبه إلى أن هناك موانع من الإجابة تكون من جهة الداعي نفسه، منها الشك في الإجابة والدعاء على سبيل التجربة، ومنها استيلاء الغفلة واللهو على القلب و الجوارح، وقال الإمام المناوي أي لا يعبأ بسؤال سائل مشغوف القلب بما أهمه من دنياه، وقال الإمام الرازي أجمعوا على أن الدعاء مع غفلة القلب لا أثر له، واعلموا يرحمكم الله إن الانتظار في اللغة بمعنى الترقب، والتربص، وهو حالة نفسانية ينبعث منها التهيؤ لما تنتظره، وضده اليأس، فكلما كان الانتظار أشد كان التهيؤ آكد، وإن معرفة كيفية الانتظار أمر مهم جدا لأننا نتحدث عن فترة طويلة استمرت قرونا حتى الآن ومرت فيها أجيال وأجيال.

ضمن ظروف مختلفة وفرص متفاوتة، ولا يمكن ترك هذه الأجيال بلا تكليف واضح ومحدد، فما هو تكليف هذه الأجيال في هذه الفترة؟ وكيف من المفترض أن يكون انتظارها لظهور الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف لتحقق الفرج على يديه؟ وكما أن هناك نهجان مختلفان ومتناقضان متصوران لكيفية الانتظار، في زمان الغيبة الكبرى للإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف وهما الانتظار السلبي والمقصود منه أن يبقى الإنسان جالسا بدون أي حراك أو فعالية تذكر، وبدون أن يقوم بأي عمل تغييري، ويكتفي بمراقبة علامات الظهور، وما تحقق منها، ليزداد أمله بقرب الظهور، كما لو استشعر تحقق شيء منها، وهذا يعني أن الوظيفة الأساسية للمؤمنين في عصر الغيبة هي أن يعيشوا أمل ظهور الإمام بدون أن يسعوا لتغيير الواقع الاجتماعي والسياسي.

وكما هناك الانتظار الإيجابي والمقصود منه أن لا يقف الإنسان مكتوف اليدين ساكنا حتى يتحقق الفرج بظهور الإمام، وإنما يقوم بالواجبات الشرعية الملقاة على عاتقه سواء كانت فردية أم اجتماعية، أو لها علاقة بالنظام والحكم، فأيهما هو الانتظار الصحيح والمطلوب شرعا؟ وإن المطلوب من الأجيال في عصر الغيبة الكبرى لا يمكن أن يكون مجرد السكون والجلوس في البيت، والتخاذل عن الوظائف الشرعية الممكنة، والتي فيها مصلحة الأمة، بل هناك العديد من الأدوار الأساسية التي لا بد من تنفيذها، التي منها طاعة الله تعالي وتنفيذ الأحكام الشرعية، ولو أن أشياعنا وفقهم الله لطاعته على إجتماع من‏ القلوب في الوفاء بالعهد لما تأخر عنهم اليُمن بلقائنا، ولتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حق المعرفة وصدقها منهم بنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى