دين ودنيا

الدكروري يكتب عن اتقوا الله حق تقاته

 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الأربعاء الموافق 3 يناير

 

الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئا، أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، ثم أما بعد، اتقوا الله حق تقاته، وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون، واعلموا أن مقتضى النصيحة والإنصاف أن يقال في هذا المقام بأن بلادنا هذه والحمد لله في نعمة.

 

ومقتضى النصيحة أن نقول إن سفها في استعمال المال العام حاصل، وإن تقارير المراجع العام في كل سنة سبة في جبين الناس، حين يثبت أن الاختلاسات تزيد عاما بعد عام، وأن الناس ممن يلون المسئولية لا يتورعون عن أن يمدوا أيديهم إلى هذا المال، وأن كثيرين يتخوضون في مال الله بغير حق، وأنهم لا يبالون بحلال ولا حرام، والناس يرون بأبصارهم، ويسمعون بآذانهم أن فلانا من الناس تولى مسئولية وهو صعلوك لا يملك من المال شيئا فما لبث إلا قليلا حتى علا بناؤه، ورقت ثيابه، وتنوع غذاؤه، وظهرت النضرة عليه، مما يشي بأن المسئولية في حقه مغنم وليست مغرما وأنه ما دخل فيها إلا من أجل أن يتنعم بها، ومن أجل أن يستعملها فيما يريد من شهواته، وقال خزيمة بن ثابت رضي الله عنه.

 

كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا استعمل واليا يأخذ عليه عهدا كتابة ألا يأكل مرققا، وألا يلبس إلا خشنا، وألا يغلق بابه دون ذوي الحاجات من المسلمين، وألا يركب برذونا، وهو النوع الجيد الفاخر الغالي من الخيول، فإن فعل حلت عليه العقوبة، وإن من الخوض في مال الله بغير علم أن تفرض على الناس مكوسا وجبايات تثقل كواهلهم، وتعكر عيشهم، حتى حجاج بيت الله الحرام ما سلموا، فهيئة الحج والعمرة تفرض على الحاج من المكوس والإتاوات ما يجعل تكاليف الحج تتضاعف مرة ومرتين، إن لم تيسروا السبيل للحجاج فكفوا عنهم أيديكم، ولا تفرضوا عليهم من الرسوم والإتاوات ما يجعل كثيرا من الناس يتردد مرارا قبل أن يقدم على أداء فريضة الله التي افترضها على عباده.

 

فاتقوا الله عز وجل في الرعية، واتقوا الله في أنفسكم واعلموا بأن الدول تدال، وأن الأيام دول، وما سميت الدولة دولة إلا لأنها تتداول، لا يدوم إلا الله، ولا يبقى إلا الله، كل ملك ملكه سيزول، وكل مسئول عما قريب سينزع، أو سيذهب، فيجب عليه أن يتقي الله عز وجل فيما استرعاه، فإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها، اللهم أصلح الراعي والرعية، اللهم اجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا أرحم الراحمين، اللهم اجعل لنا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية، اقض عنا الدين وأغننا من الفقر، لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين، اللهم يا سميع الدعاء ويا قريب الرجاء يا خير المسئولين ويا خير المعطين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى