مقال

من كانت الآخرة همه

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن من كانت الآخرة همه
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، الحمد لله ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شاء ربنا من شيء بعد، الحمد لله الذي جعلنا من عباده المسلمين، الحمد لله الذي جعلنا من عباده المصلين، نسأل الله أن يثبتنا على ذلك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وعلى آله وسلم تسليما كثيرا، أما بعد روى الترمذي رحمه الله عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه وجمع له شمله وأتته الدنيا وهي راغمه، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه وفق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له” ففي هذا الحديث يرشد النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى جعل الآخرة أكبر الهم.

بحيث لا يطغى حب الدنيا والانشغال بها على القلوب فتكون الدنيا هي أكبر الهم، فمن كانت الآخرة همه أي أهم ما يشغله، وكانت هي قصده في عمله وحياته، وليس المقصود أنه يترك أمر الدنيا بالكلية لأنه لابد له من الاشتغال بأمور الدنيا من سعي في طلب الرزق وقيام بأمر نفسه وزوجه وأولاده وغير ذلك من أمور الدنيا لكنه في غالب أموره يشتغل بالآخرة، بل في أمور الدنيا يجاهد نفسه على نية ونوايا صالحة يفوز منها بأجور عظيمة فيكون غالب همه الآخرة، وقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ” ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا” فمن كانت الآخرة همه ونيته جعل الله غناه في قلبه، وأعظم ذلك ياعباد الله أن يرزقه القناعة فيكفيه هم الدنيا.

ولو بالقليل ويجعله قانعا مكتفيا، ولهذا كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم “اللهم قنعني بما رزقتني” وكان يقول ” قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه” ومثل هذا لا يستذل ولا يتلاعب به فهو حر عزيز لأن الدنيا عنده ليست ذات قيمة وإنما يستذل الناس من قبل حبهم للدنيا وقال الحسن رحمه الله أدركت أقواما ما كانوا يفرحون بشيء من الدنيا أقبل، ولا يتأسفون على شيء منها أدبر، لهي كانت أهون في أعينهم من التراب، لأن من كانت الآخرة نيته وهمه فهو ممن أحبهم الله تعالى، ومن أحبه الله وضع له المحبة في قلوب الخلق وجعل له القبول في الأرض، فيا أيها الأخ الكريم اجعل غالب همك الآخرة يكفيك الله تعالى أمر الدنيا، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول.

” من جعل الهموم هما واحدا، هم آخرته، كفاه الله هم دنياه” فاللهم عليك باليهود اللهم عليك باليهود وأعوانهم، اللهم خذهم أخذ عزيز مقتدر، اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، وأرنا فيهم عجائب قدرتك يا رب العالمين، اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تغادر منهم أحدا اللهم عليك بهم يا من لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، يا سميع الدعاء، يا قريب الرجاء، هذا الدعاء ومنك الإجابة، وهذا الجهد وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بك، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى جميع المرسلين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى