مقال

الإيمان حصن من الشيطان

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإيمان حصن من الشيطان
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 17 يناير 2024

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، الحمد لله الذي خلق الأرض والسموات، الحمد لله الذي علم العثرات، فسترها على أهلها وأنزل الرحمات، ثم غفرها لهم ومحا السيئات، فله الحمد ملء خزائن البركات، وله الحمد ما تتابعت بالقلب النبضات، وله الحمد ما تعاقبت الخطوات، وله الحمد عدد حبات الرمال في الفلوات، وعدد ذرات الهواء في الأرض والسماوات، وعدد الحركات والسكنات، وأشهد أن لا إله إلا الله لا مفرّج للكربات إلا هو، ولا مقيل للعثرات إلا هو، ولا مدبر للملكوت إلا هو، ولا سامع للأصوات إلا هو، ما نزل غيث إلا بمداد حكمته، وما انتصر دين إلا بمداد عزته، وما اقشعرت القلوب إلا مِن عظمته، وما سقط حجر من جبل إلا من خشيته، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله قام في خدمته.

وقضى نحبه في الدعوة لعبادته، وأقام اعوجاج الخلق بشريعته، وعاش للتوحيد ففاز بخلته، وصبر على دعوته فارتوى من نهر محبته، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه، ومن سار على نهجه واستن بسنته وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين، ثم أما بعد، إن من أهم أسباب انتشار المخدرات هو الجهل فكان العربي في الجاهلية يعتقد أن الخمر تجعل المرء يعيش في عالم من الخيالات الحالمة التي ينسى بها فقره وألمه وأحزانه، وهو وهم كبير ولذة عاجلة وكان المشركون في الجاهلية يعاقرون الخمر ويشربونها شرب المُغرم بها حتى الموت، لأنها تنسيهم الواقع المرير وتجعلهم في غفلة دائمة، ولم يكن ذلك دأب العرب كلهم فقد كان منهم حكماء حلماء يرون أن الخمر تذهب العقل والشرف والمروءة.

فقد سُئل أبو بكر الصديق رضي الله عنه هل شربت الخمر في الجاهلية؟ قال أعوذ بالله، فقيل له ولماذا؟ قال كنت أصون عرضي، وأحفظ مروءتي، وهذا قصيّ بن كلاب يروي أنه لما احتُضر قال لأولاده اجتنبوا الخمرة، فإنها لا تصلح الأبدان بل تفسد الأذهان، وقال عثمان بن مظعون لا أشرب شيئا يُذهب عقلي، ويضحك بي من هو أدنى مني، ويحملني على أن أنكح كريمتي من لا أريد، وقيل للعباس بن مرداس لم تركت الشراب؟ فقال “أكره أن أصبح سيد قوم وأمسي سفيههم” ولقد كان بعض أهل الجاهلية يمتنع عن المسكرات لما ظهر له من خطرها وأثرها، هذا أحدهم كان شرّابا للخمر، مولعا بها، وذات يوم سكر، فغمز مؤخرة ابنته، وهو سكران، وشتم والديه، وأعطى الخمار مالا كثيرا، فلمّا أفاق وأخبروه بما فعل حرّمها على نفسه.

وممن حرّمها في الجاهلية أيضا هو قيس بن عاصم، وذلك أنه سكر ذات ليلة فقام لابنته أو لأخته، فهربت منه، فلمّا أصبح سأل عنها فقيل له أوما علمت ما صنعت البارحة، فأخبر القصة، فحرّم الخمر على نفسه، ومن أهم أسباب انتشار المخدرات هم أصدقاء السوء فقد أثبتت الدراسات أن أكثر من ثمانين بالمائة من الشباب الذين يتعاطون المخدرات كان وراءهم رفقاء السوء وإذا جلست مع عشرات التائبين، وقرأت قصص النادمين، وحسرات المدمنين، تجدهم بلا استثناء يجمعوا على أن السبب الأول في الوقوع في الهاوية هم جلساء السوء، لكنهم عرفوا بعد فوات الأوان، فكم من الشباب الذين أدمنوا ولم يجدوا مالا لشراء المخدر فكان الثمن أن يحضر للبائع كل يوم مجموعة من زملائه في المدرسة كزبائن.

وهذه هي خطوات الشيطان، من مجرد تسلية إلى متعاط إلى مروج، والثمن فلذات الأكباد، فليحذر الإنسان من رفاق السوء من أن يصاحبهم، فالإنسان إذا خالط أمثال هؤلاء لم يقولوا تعالوا نصلي، قم نصلي الوتر، قم نصلي صلاة الليل، تعال نتصدق، تعال نحضر درسا، كلا، بل يحاولون أن يبحثوا عما يسلون به وقتهم، وربما أوقعوه في أنواع من هذه المخدرات لذلك فإني أوصيك أخي الشاب بتقوى الله، واختيار الصديق العاقل، ومجالسة الصالحين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى