مقال

الهيئة التي خلق الله عليها المخلوقات

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الهيئة التي خلق الله عليها المخلوقات
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين، وأشهد ألا إله إلا الله، الملك، الحق، المبين، وأشهد أن نبينا محمدا رسول الله صلي الله عليه وسلم وعلى آله، وصحبه، أجمعين، أما بعد لقد ذكرت كتب الفقه الإسلامي والسنة النبوية الشريفة الكثير عن خلق الجن فقالوا عن الهيئة التي خلق الله تعالى عليها الإنس فهي جميلة حيث يقول الله تعالى “لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم” فالإنسان مكرم في خلقه، وقال الله تعالى “ولقد كرمنا بني آدم” ولهذا قال بعض العلماء كالشافعية أن الإنسان لو كانت امرأته في غاية الحسن، ثم قال لها أنت طالق إن لم تكوني كالقمر، فلا تطلق المرأة بهذا القول لأن الله تعالى يقول “لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم” وهذا من ناحية الإنس، وأما الجن فإنا لم نراهم قطعا كما قال الله تعالى “إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم”

لكن الجن مستقر في أذهان البشر جميعا أنه قبيح الخِلقة وهذا يؤيده ظاهر القرآن، حيث قال الله تعالى عن شجرة الزقوم “طلعها كأنه رؤوس الشياطين” وهذا من أساليب العرب في كلامها فالعرب لم تري الشياطين حتى تشبه لهم شجرة الزقوم بأن طلعها كأنه رؤوس الشياطين لكن استقر في الأذهان وفي طباع الأنفس عند الناس جميعا أن الجن والشياطين منهم على وجه الخصوص قبيحي الخلقة، فعاملهم الله تعالى بنفس أساليب كلامهم والقرآن الكريم نزل عربيا فالجن في الأظهر أنهم غير حسن الخلقة وقد يقال أن هذا منصرف لشياطينهم فقط وهذا قول جيد، لكن لا نستطيع أن نجزم به والشيطان دل عليه أكثر القرآن لأنه لا يسمى شيطانا إلا إذا كان خبيثا خبثا معنويا وقد يطلق على الإنسي حتى إذا خبث شيطان ومنه قول الله تعالى على لسان نبي الله سليمان عليه السلام.

“قال أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين، قال عفريت من الجن أنا أتيك به” ومع هذه القوة التي منحها الله تعالى لهم إلا أنهم لا يستطيعون أن يتشكلوا بالنبي صلى الله عليه وسلم فقد قال ” من رآني في المنام فقد رآني ، فإن الشيطان لا يتمثل بي ” فهذا الشيطان العفريت الذي يأتي بعرش من مكان إلى مكان في لحظات محدودة يعجز أن يتمثل بالنبي صلى الله عليه وسلم، ومن ناحية المادة التي خلق منها كل من الجن والإنس، فمن المعلوم أن الجن خلقهم الله تعالى من نار، والإنس خلقوا من طين لأنهما يرجعان إلى أبائهما، فآدم خلق من تراب وإبليس خلق من نار، فقال الله تعالي على لسان إبليس “قال أنا خير منه خلقته من نار وخلقتني من طين” وفي آية كما قال “أأسجد لمن خلقت طينا” ومن حيث القدرة على العمل والصناعة الجن أقوى من الإنس.

فهم يفضلون الإنس من هذه الناحية ولهذا نجد أن القرآن الكريم في أسلوبه يفرّق إذا تكلم عن الجن والإنس في أي حديث يتحدث عنهما، ويقول الله جل وعلا “قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا” ويقول جل وعلا في سورة الرحمن “يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان” فنرى أن الله تعالى قدم الإنس في سورة الإسراء وقدم الجن في آية الرحمن والسبب في هذا أن آية الإسراء تتحدث عن القدرة البيانية البلاغية وهي أن يؤتى بمثل هذا القرآن، فقدم لله تعالى الإنس لأنهم أفصح بيانا من الجن في حين أن آية الرحمن تتحدث عن القدرة القوية البدنية وهي النفوذ من سلطان السموات والأرض فقدم الجن على الإنس لأنهم أقدر على ذلك منهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى