مقال

الدكروري يكتب عن خصلة الحسد والبغضاء

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن خصلة الحسد والبغضاء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

جاء عن أبي قلابة المحدث، قال ضقت ضيقة شديدة، فأصبحت ذات يوم، والمطر يجيء كأفواه القرب، والصبيان يتضوّرون جوعا، وما معي حبة واحدة فما فوقها، فبقيت متحيَّرا في أمري، فخرجت، وجلست في دهليزي، وفتحت بابي، وجعلت أفكر في أمري، ونفسي تكاد تخرج غما لما ألاقيه، وليس يسلك الطريق أحد من شدة المطر، فإذا بامرأة نبيلة، على حمار فاره، وخادم أسود آخذ بلجام الحمار، يخوض في الوحل، فلما صار بإزاء داري، سلم، وقال أين منزل أبي قلابة؟ فقلت له هذا منزله، وأنا هو، فسألتني عن مسألة، فأفتيتها فيها، فصادف ذلك ما أحبّت، فأخرجت من خفها خريطة، فدفعت إليّ منها ثلاثين دينارا، ثم قالت يا أبا قلابة، سبحان خالقك، فقد تنوق في قبح وجهك، وانصرفت.

 

وعن أبي هريرة رضى الله عنه، عن النبى صلى الله عليه وسلم، قال ” سيصيب أمتي داء الأمم، قالوا يا نبي الله، وما داء الأمم؟ فقال صلى الله عليه وسلم ” الأشر والبطر، والتكاثر والتشاحن في الدنيا، والتباغض، والتحاسد حتى يكون البغي ثم الهرج” ومعنى الهرج هو القتل، ومعنى الأشر، أي كفر النعمة، والبطر هو الطغيان عند النعمة، وشدة المرح والفرح، وطول الغنى، والتكاثر مع جمع المال، ومعني التشاحن، أي هو التعادي والتحاقد في الدنيا والتباغض والتحاسد أي هو تمني زوال نعمة الغير، حتى يكون البغي، أي مجاوزة الحد، وهو تحذير شديد من التنافس في الدنيا لأنها أساس الآفات، ورأس الخطيئات، وأصل الفتن، وعنه تنشأ الشرور.

 

ويمكن استبعاد الحقد والحسد بالنظر في أعمال الشخص الطيبة، وأن الله سبحانه وتعالى، هو الذي تفضل عليه بالتوفيق، وأن هذا من الله تعالى، فيتوب الإنسان من حقده وحسده، ويعلم أن هذا من فضل الله وجوده وكرمه، حتى يزول ما في قلبه، ويتأمل ويتبصر وأن هذه الأشياء التي رزقها الله تعالى هذا العبد من صحة، واستقامة أو جاه طيب أو أعمال صالحة، أو ما أشبهه هذا كله من عند الله سبحانه وتعاله فهو عز وجل القائل فى كتابه العزيز “وما بكم من نعمة فمن الله ” فليعلم أن الله تعالى هو مقسم الأرزاق، وهو الذي بيده كل شيء، فيسأله جل وعلا التوفيق والهداية، وأن يزيل ما في قلبه من الكراهة لأخيه أو الحسد لأخيه، لأن كل شيء بيد الله عز وجل.

 

فعليك أن تسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يصلح قلبك وأن يعيذك من شر الحسد والبغضاء والحقد على إخوانك، وإن كل هذا بيد الله سبحانه وتعالى فهو الذي يصرف الأمور عز وجل يقول النبى صلى الله عليه وسلم، إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء سبحانه وتعالى، فإن الوقاية خير من العلاج فعلى المسلم أن يتصف بحسن الخلق، في أقواله وأفعاله ومعاملاته، مع الناس كافة وخاصة مع أقاربه، وبصورة أخص مع الزوج، فقد قال الله تعالى فى كتابه الكريم فى سورة البقرة “وقولوا للناس حسنا” وليعلم أنه بحسن خلقه وطيب معاشرته مع الآخرين يكسب حبهم واحترامهم، ولا يحصل بينه وبينهم شيء من التشاحن والخصام.

 

فيقول النبي صلى الله عليه وسلم ” ما شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق، وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة” رواه الترمذي، وعن أبى هريرة رضى الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا” رواه الترمذي وأبو داود وأحمد، وعن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ” أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء ولو كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه ” رواه أبو داود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى