مقال

الدكروري يكتب عن المعراج حق

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن المعراج حق

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الأحد الموافق 11 فبراير

 

الحمد لله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وسبحانه أكبره تكبيرا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته الطيبين، وخلفائه والتابعين له بإحسان له إلى يوم الدين، أما بعد ذكرت كتب السيرة النبوية الشريفة الكثير والكثير عن الرحلة الإلهية والمعجزة الربانية رحلة الإسراء والمعراج، وأن الإسراء والمعراج وقعا جميعا في ليلة واحدة، في اليقظة لا في المنام، وبجسده وروحه جميعا صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا جمهور العلماء سلفا وخلفا وهذا هو الذي يدل عليه قوله تعالى ” سبحان الذي أسري بعبده ” وهو الحق الذي لا مرية فيه، كما يقول الإمام ابن حجر في فتح الباري “إن الإسراء والمعراج وقعا في ليلة واحدة في اليقظة بجسده وروحه. 

 

وإلى هذا ذهب جمهور من علماء الحديث والفقهاء والمتكلمين، وتواردت عليه ظواهر الأخبار الصحيحة، ولا ينبغي العدول عن ذلك، إذ ليس في العقل ما يحيله، حتى يحتاج إلى تأويل” والإيمان بهذا من المهمات ولذا ذكره أهل السنة في كتب العقيدة، كما قال الإمام الطحاوي “والمعراج حق، وقد أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم، وعرج بشخصه في اليقظة إلى السماء، ثم إلى حيث شاء الله من العلا، وأكرمه الله بما شاء، وأوحى إليه ما أوحى، ما كذب الفؤاد ما رأى، فصلى الله عليه وسلم في الآخرة والأولى” ولهذا قال الإمام الطبري “ولا معنى لقول من قال أسري بروحه دون جسده، لأن ذلك لو كان كذلك لم يكن في ذلك ما يوجب أن يكون دليلا على نبوته، ولا حجة له على رسالته، ولا كان الذين أنكروا حقيقة ذلك من أهل الشرك. 

 

كانوا يدفعون به عن صدقه فيه، إذ لم يكن منكرا عندهم ولا عند أحد من ذوي الفطرة الصحيحة من بني آدم أن يرى الرائي منهم في المنام ما على مسيرة سنة، فكيف ما هو مسيرة شهر أو أقل ” وهذا الذي ذكره الإمام الطبري هو عين الحق لأنني لو قلت لك إنني رأيت في المنام أنني ذهبت إلى أمريكا وزرت تمثال الحرية، ثم ذهبت إلى فرنسا وتجولت بها ورأيت برج إيفل، ثم ذهبت إلى إيطاليا وزرتها وزرت برج بيزا المائل العجيب، ثم بعد كل هذا ذهبت إلى الحرم فاعتمرت عمرة، وزرت البيت وطفت به وكل هذا في منامي فهل ينكر ذلك علي أحد؟ لا أبدا، ولو أن أحدا من الناس زعمه ما استطاع أحد أن ينكره عليه لأن المنام شيئ واليقظة شيئ آخر، وكل الناس يرى في منامه العجائب، ولو أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر قريشا أنه رأى ذلك في منامه لما عارضوه. 

 

فلماذا صفق المشركون وصفروا وفعلوا ما فعلوا، لأنه قال ذهبت بنفسي وروحي وجسدي، فاستعظموه وأنكروه، ورجع النبي صلي الله عليه وسلم من هذه الرحلة العجبية، وقد انتقل من علم اليقين إلى عين اليقين، ولكنه أهمه كيف سيخبر قريشا بما حدث وهو أمر لا تكاد تقبله قلوبهم وعقولهم حينذاك؟ وقابله أبو جهل ورأى حاله، فسأله، فأخبره بما حدث، فقال أبو جهل “لو جمعت الناس تخبرهم بهذا؟” قال نعم، وظنها أبو جهل فرصة، فجمع الناس وقال اسمعوا ما يقول، فقص عليهم النبي ما حدث وما رأى، فجعلوا يصفقون ويصفرون ويضحكون ويستهزؤون، ولم يتحمل بعض ضعاف الإيمان، وحديثي الإسلام الذين لم يستقر الإيمان في قلوبهم، فارتد بعضهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى