مقال

أوثق عُرى الإيمان وأفضله

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن أوثق عُرى الإيمان وأفضله
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الجمعة الموافق 3 مايو 2024

الحمد لك يا رب العالمين، أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيران ثم أما بعد إن محبة المساكين والفقراء ومجالستهم والدنو منهم واستشعار ما هم فيه من العناء لها أثرها في قلب المؤمن عظيم، فمحبتهم هي أصل الحب في الله تعالى لأنه ليس عندهم من الدنيا ما يوجب محبتهم لأجله، فلا يحبون إلا لله عز وجل، والحب في الله من أوثق عُرى الإيمان، وهو أفضل الإيمان، فقد قال حبيبنا صلى الله عليه وسلم ” من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان” رواه ابن ماجه، ومحبة المساكين وتقريبهم والاهتمام بهم من أسباب القرب إلى الله سبحانه وتعالى يوم القيامة، وبهذا وصى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمنا السيدة عائشة رضي الله عنها.

فقال لها ” يا عائشة أحبى المساكين وقربيهم فإن الله يقربك يوم القيامة” رواه الترمذي، وذلك لأن المساكين الصابرين المؤمنين مقربين إلى الله يوم القيامة، فإذا اجتمع في الشخص إيمان مع فقر ارتفعت منزلته في الدنيا بقوة صبره وإجابة دعائه، وفي الآخرة بتشفيعه في الناس، وعلو منزلته لأن فقره كان سببا لتواضعه ولين جانبه، ولذلك ينبغي حب المساكين والقرب منهم، فإن أحببتهم كنت متواضعا أما إن تكبرت عن أن تجلس معهم، حُشرت مع المتكبرين والعياذ بالله، وبالمساكين والفقراء يرزق الأغنياء، وبالضعفاء ينصر الأقوياء، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم ” هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم” رواه البخارى، وذلك لأن الضعفاء أشد إخلاصا في الدعاء، وأكثر خشوعا في العبادة، لخلاء قلوبهم عن التعلق بزخرف الدنيا.

وقال بعض الأولياء الصالحين إن المساكين يقصد بهم كذلك المفتقرين إلى الله سبحانه وتعالى والمنكسرين له، الذين خلعوا ثياب العجب والكبر، وأتوا إلى الله طائعين مستسلمين، فأحلى معنى للإيمان تتذوقه في حياتك يوم ينكسر القلب لله، يوم تحس أنك ذليل بين يدي الله ليس فقر أموال، لكنه فقر مطلق، فقر في كل شيء، كل ذرة فيك تحتاج إلى الله فيقول تعالى فى سورة فاطر ” يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغنى الحميد” ولنعلم أن الله تعالى قضى بحكمته أن يخلق الناس مختلفي المقامات، متفاوتي القامات، متبايني الدرجات، ليبلو بعضهم ببعض، وليختبر صبرهم، ويمتحن عبادتهم وتوكلهم، فجعل منهم الذكر والأنثى، وجعل منهم الشريف والخامل، وجعل منهم الصحيح والسقيم، وجعل منهم الغني والفقير، ولئن جعل الله سبحانه هذا التفاوت سنة كونية بين البشر.

فليس ليصير الفقر ظاهرة مجتمعية متفاقمة، يعيش معها الفقراء حياة الضيق والضنك، ويرتكسون معها في حمأة الحرمان والإقصاء، بل دعا إلى التكافل بين الناس، والاهتمام بحالات الفقراء والمحتاجين، وشرع لهم من الوسائل والطرائق ما يرفد نسيج التلاحم بين الغني المشبع، والفقير المهموم، ويحقق وشيج التراحم بين المتخم المترع، والمعوز المحروم، كما قال تعالى في بيان صفات عباد الله الصالحين فى سورة المعرج ” والذين فى أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم” فبالفقراء يرزق الأغنياء، وبالضعفاء ينصر الأقوياء ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم “هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم” رواه البخاري، وقال ابن بطال المالكي فى تأويل الحديث، أن الضعفاء أشد إخلاصا في الدعاء، وأكثر خشوعا في العبادة، لخلاء قلوبهم عن التعلق بزخرف الدنيا، ألا تستحق هذه الشريحة ما يناسبها من عناية ورعاية؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى