مقال

تعامل الناس بالمقايضة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن تعامل الناس بالمقايضة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 14 فبراير

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد لقد تتبع العلماء التبادل والتجارة من خلال السجل الأثري، بدءا من العصر الحجري القديم العلوي عندما كانت مجموعات من الصيادين تتاجر للحصول على أفضل الأسلحة من الصوان وغيرها من الأدوات، وكان أولا، هو تعامل الناس بالمقايضة، أي التبادل المباشر بين الطرفين للسلع المرغوبة، وجاء المال في وقت لاحقا وقد تطور شكله على مدى آلاف السنين من الأشياء الطبيعية إلى النقود المعدنية إلى العملات الورقية إلى الأموال الرقمية، ولكن أيا كان الشكل.

فقد استخدم البشر منذ فترة طويلة العملة كوسيلة للتبادل، وطريقة للدفع، ومعيار للقيمة، ومخزن للثروة ووحدة للحساب وبصفتي عالم أنثروبولوجيا ممن قاموا بإجراء اكتشافات في هذا المجال، فإنني مهتم بكيفية تطور الأموال في الحضارة الإنسانية، وما يمكن لهذه الاكتشافات الأثرية أن تخبرنا به عن التجارة والتفاعل بين المجموعات البعيدة، ولكن لماذا يحتاج الناس إلى العملة؟ وهو لأن الأموال قد تعمل كقوة إستقرار تعزز التبادلات السلمية للسلع والمعلومات والخدمات داخل المجموعات وفيما بينها ويعتبر المال بمثابة سجل أو ذاكرة للمعاملات والتفاعلات على مدار التاريخ، وأن هناك العديد من النظريات حول أصل المال، ويرجع ذلك جزئيا إلى كون أن للمال العديد من الوظائف فإنه يسهل التبادل كمقياس للقيمة.

ويجمع المجتمعات المختلفة معا من خلال تمكين تقديم الهدايا والمعاملة بالمثل وهو يديم الهرمية الاجتماعية وأخيرا، هو وسيلة لإحكام سلطة الدولة، وكما أن من الصعب أن نحدد بدقة أول التفاعلات التي استخدمت فيها العملة من أنواع مختلفة، ولكن الأدلة تشير إلى أنها نشأت عن تبادل الهدايا وتسديد الديون، وإن الخامات التي يعتبر وجودها نادر في الطبيعة والتي يمكن التحكم في تداولها بكفاءة برزت بوصفها وحدات قيمة للتفاعل والتبادل وهذه تشمل القواقع، مثل أصداف اللؤلؤ التي انتشرت على نطاق واسع في الأمريكتين وأصداف الودع التي استخدمت في أفريقيا وأوروبا وآسيا وأستراليا وكذلك النحاس، والحديد والسبج والعنبر والخرز والذهب، والفضة وسبائك الرصاص أيضا استخدمت كعملات.

وقد استخدم الناس حتى الحيوانات الحية مثل الأبقار كشكل من أشكال العملة حتى وقت قريب نسبيا وقد نشأ شيكل بلاد بين النهرين وهو أول شكل معروف للعملة منذ ما يقرب من خمسة ألاف عام وتعود أقدم العملات المعروفة عام ستمائة وستمائة وخمسون قبل الميلاد في آسيا الصغرى، حيث استخدمت النخبة في كل من مملكة ليديا ومدينة أيونية الفضة والذهب المدموغ لدفع رواتب الجيش، ويشير اكتشاف الكثير من القطع النقدية من الرصاص والنحاس والفضة والذهب في جميع أنحاء العالم إلى أن النقود وخاصة في أوروبا وآسيا وشمال أفريقيا تم الاعتراف بها كوسيلة من السلع الأساسية في بداية الألفية الميلادية الأولى ويرجع الانتشار الواسع من العملات الرومانية والإسلامية والهندية والصينية إلى التجارة في العصور قبل الحديثة من عام ألف ومائتان وخمسون إلي ألف وربعمائة وخمسون ميلادي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى