الاستغناء عن الموظفين وعمليات تخفيض العمالة على مستوى العالم

الاستغناء عن الموظفين وعمليات تخفيض العمالة على مستوى العالم

كتب/ أيمن بحر

تتواصل عمليات تسريح الموظفين لا سيما فى شركات التكنولوجيا فى عرض مستمر منذ العام 2022 وحتى الآن وفى خطٍ متوازٍ مع إجراءات إعادة هيكلة واسعة تتبعها الشركات خاصة تلك التى أفرطت فى التوظيف إبان جائحة كورونا لتلبية الطلب المتزايد على الخدمات التكنولوجية.

وفى هذا السياق قال المحلل فى Jefferies برنت ثيل فى مقابلة مع فايننشال تايمز إن عمليات التسريح من العمل ستستمر وقد تزداد سوءا واصفاً تلك العمليات بأنها أصبحت معدية.

كما حذر الرئيس التنفيذى لشركة غوغل ساندر بيتشاى الموظفين بالفعل من حدوث المزيد من عمليات تسريح العمال فى رسالة بريد إلكتروني للموظفين الشهر الماضى بعد عدة مئات من عمليات تسريح العمال حتى الآن هذا العام.وقامت أكثر من 157 شركة تكنولوجيا بخفض عدد موظفيها بإجمالى 39608 عملية تسريح منذ بداية عام 2024 وفقًا لموقع Layoffs.fyi الذي يتتبع تسريح العمال فى مجال التكنولوجيا .
فى حين أن هذا قد يبدو رقما كبيرًا إلا أنه يتضاءل مقارنة بنفس الفترة من العام الماضى عندما قامت شركات التكنولوجيا بخفض إجمالي 140 ألف عامل فى الوقت الذى تكافح فيه الصناعة مع الإفراط فى التوظيف فى عصر الوباء.
هذا العام تأثر عدد أقل من الموظفين لكن يبدو أن عمليات تسريح العمال لا تنتهي أبدًا حيث يقوم عمالقة التكنولوجيا مثل أمازون وغوغل باستمرار بإجراء تخفيضات صغيرة في قطاعات مختلفة.قامت أمازون بتسريح العمال هذا العام فى قسم Buy with Prime، إلى جانب Prime Video، وAmazon MGM Studios. ويستعد موظفو أمازون الآن لمزيد من عمليات التسريح من العمل بعد ظهور أخبار تفيد بأنه سيتم إلغاء ما يصل إلى عدة مئات من الوظائف من One Medical وAmazon Pharmacy.

بالإضافة إلى ذلك قامت غوغل بإلغاء عدة مئات من الأدوار عبر فرق مختلفة هذا العام بما فى ذلك فرق المساعدة وفرق منتجات المعرفة والمعلومات، وفريق الأجهزة والهندسة المركزية.

وقال متحدث باسم غوغل إن الشركة تستثمر فى أكبر أولوياتها والفرص المهمة التى تنتظرها. وتواصل غوغل دعم الموظفين المتأثرين أثناء بحثهم عن أدوار جديدة فى الشركة وفقا لبيان صادر عنها.وتعتبر عمليات تسريح العمال أمرا شائعا لكن عديدا من هذه التخفيضات تبدو مختلفة لأن الشركات التي يبدو أنها فى حالة جيدة مثل مايكروسوفت وميتا التى أطلقت منصات الذكاء الاصطناعي الرئيسية وأعلنت مؤخرًا عن أعلى أرباحها تشارك أيضًا فى تخفيض عدد الموظفين.

ألغت مايكروسوفت نحو 1900 وظيفة فى قسم الألعاب فى شهر يناير الماضى على الرغم من الإعلان عن إيرادات قياسية للربع الأخير من عام 2023. وقال الرئيس التنفيذي للشركة إن عمليات تسريح العمال كانت جزءًا من خطة تنفيذية أكبر لتقليل التداخل داخل الشركة حسبما ذكرت CNBC.ووفقا لتقرير فايننشال تايمز ربما تستمر الشركات فى إجراء تخفيضات حتى تتمكن من الاستثمار في مجالات جديدة مثل الذكاء الاصطناعى التوليدي. بالإضافة إلى ذلك، قد ترغب شركات التكنولوجيا فى أن تُظهر للمستثمرين أنها تركز على ضبط التكلفة، وفقًا للتقرير نفسه.

وأعلنت ميتا عن تخفيضات إضافية فى شهر يناير بعد تخفيض عدد موظفيها بنسبة 22 بالمئة خلال العام الماضى . أدى قرار القيام بذلك إلى ارتفاع أسهمهم بنسبة 12 بالمئة إلى 450 دولارًا للسهم فى ذروتها فى يناير.

على الرغم من أن ميتا قالت إنها انتهت من تسريح العمال في العام 2023 إلا أن الرئيس التنفيذي مارك زوكربيرغ وصف عام 2024 بأنه عام الكفاءة وألغى بالفعل دور المدير فى إنستغرام مع توقع المزيد فى هذا الدور.

قد تؤدى هذه الاستراتيجية أيضًا إلى إحياء Metaverse الذى كان يُنظر إليه سابقا على أنه فاشل فى عالم التكنولوجيا.من جانبه قال مدير مركز رؤية للدراسات الاقتصادية، بلال شعيب فى تصريح إن السبب وراء اتجاه الشركات العالمية لتسريح عدد كبير من موظفيها يرجع إلى المرور بأزمتين كبيرتين هما جائحة كورونا والصراع الروسى الأوكرانى وبعدها ظهور المشاكل الجيوسياسية المختلفة ما أدى لارتفاع معدلات التضخم بشكل كبير جداً (..).

وتابع: ارتفاع معدلات التضخم من العوامل الرئيسية التى أدت إلى استمرار وتيرة تسريح الموظفين فالعالم لم يشهد مثيلا لتلك الأزمة بانعكاساتها الحالية ما خلق أزمة عالمية كبيرة (..) حتى أن التضخم وصل فى بريطانيا إلى 10 بالمئة فى وقت سابق على سبيل المثال وبالتالى لجأت البنوك المركزية إلى رفع الفائدة من أجل كبح جماح التضخم (..) وارتفاع أسعار الفائدة يكون له تأثير على التدفقات النقدية للشركات ويحد من القدرة التوسعية لها بسبب ضغوط (..).وأكد الخبير الاقتصادي، أن الركود التضخمي وارتفاع الأسعار ليس ناتجاً عن زيادة الطلب بقدر ما هو ناتج عن ارتفاع التكاليف مما يكون له التأثير الأكبر على تسريح العمالة وبالتالي تخفض الشركات عمالتها وترتفع معدلات البطالة حول العالم.

وتابع: الاقتصادات النامية تأثرت بعمليات تسريح الموظفين أيضاً بسبب ضعفها الشديد وعدم تحملها للصدمات فقدرتها على استيعاب الصدمة أقل بكثير من دول أخرى.. كذلك الدول المتقدمة كذلك تأثرت وبشدة من ارتفاع أسعار الفائدة وتسارعت فيها وتيرة عمليات التسريح (..) ومن أكثر الشركات تأثرًا بشكل كبير شركات التكنولوجيا المالية.ويشار إلى أن الموجة الأولى من عمليات التسريح جاءت فى أعقاب جائحة كورونا، بعد أن اضطرت الشركات خلال الجائحة إلى التوسع في التوظيف من أجل مواكبة زيادة الطلب من جانب المستهلكين الذين اضطرتهم الجائحة للبقاء فى منازلهم، وبالتالي زيادة التعامل مع الأدوات والخدمات التكنولوجية.. وبعد انتهاء تلك الفترة وجدت الشركات نفسها أمام عمالة زائدة، فاضطرت إلى البدء فى عمليات التسريح..بينما يربط محللون الموجات التالية من التسريح بعوامل مختلفة كتلك التى أشار إليها شعيب علاوة على الاعتقاد بدور ما لعبته تطبيقات الذكاء الاصطناعى فى تقليص بعض الوظائف.

من جانبه أشار الخبير الاقتصادى عبدالنبى عبدالمطلب فى تصريح إلى أن الاستغناء الموظفين وعمليات تخفيض العمالة على مستوى العالم بدأ بعد أزمة كورونا 2020، والتى تسببت فى غلق الحدود بين الدول وتراجع معدلات الإنتاج وأظهرت للعالم مزايا وإمكانات العمل عن بُعد مما جعل عددًا من الشركات الكبرى تستغنى عن عدد ليس بقليل من العمالة بعد ذلك وبدأت تستعيض عن العمل المنظم للعمل لبعض الوقت (العمل الجزئى) وخاصة شركات التكنولوجيا والمعلومات والطيران، وإدارة المواقع الإلكترونية.وتابع الخبير الاقتصادى: تراجع الإنتاج أدى إلى ارتفاع الأسعار وبالتالى أدى بدوره إلى ارتفاع معدلات التضخم وتسبب فى تراجع الاستهلاك العالمى مما تسبب فى خروج بعض المؤسسات والشركات من الإنتاج سواء كانت خدمية أو إنتاجية وهنا تسبب في تسريح عدد من العمالة.

وعن القطاعات الأكثر تأثرا وتضررا من تسريح العمالة أكد عبدالمطلب أنه طبقا للبيانات التى يتم إعلانها حتى الآن تأتى شركات التكنولوجيا والطيران والنقل والسياحة كأحد أهم وأكثر القطاعات التى تم تخفيض العمالة بها، وكذلك قطاع صناعة السيارات.