مقال

القوة في ضبط النفس

الدكروري يكتب عن القوة في ضبط النفس
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 25 فبراير 2024

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، الحمد لله ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شاء ربنا من شيء بعد، الحمد لله الذي جعلنا من عباده المسلمين، الحمد لله الذي جعلنا من عباده المصلين، نسأل الله أن يثبتنا على ذلك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وعلى آله وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد كم نحن بحاجة الى القوة في ضبط النفس والسيطرة عليها، فقال صلى الله عليه وسلم “ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب” رواه البخاري، وإن كظم الغيظ قوة، فكم نحن بحاجة إلى الفرد القوي بدينه القوي بإيمانه الواثق بنصر الله وتأييده المؤمن بأن الرزق والأجل ليس بيد أحد إلا الله تعالي، وإن لكل نفس كتابا مؤجلا إلى أجل مرسوم.

ولن تموت نفس حتى تستوفي هذا الأجل المرسوم فالخوف والهلع والحرص والتخلف لا يطيل أجلا، والشجاعة والثبات والإقدام والوفاء لا تقصران عمرا فلا كان الجبن ولا نامت أعين الجبناء، والأجل المكتوب لا ينقص منه يوم ولا يزيد، بذلك تستقر حقيقة الأجل في النفس فتترك الاشتغال به ولا تجعله في الحساب، وبذلك تنطلق من عقال الشح والحرص في صبر وطمأنينة وتوكل على الله الذي يملك الآجال وحده، ثم إنه إذا كان العمر مكتوبا والأجل مرسوما، فلتنظر نفس ما قدمت لغد ولتنظر نفس ماذا تريد، وشتان بين حياة وحياة، وشتان بين إهتمام وإهتمام، فيا أيها الناس احمدوا الله مولاكم على ما أولاكم من نعمة الأمن والرخاء والإستقرار، وحافظوا عليها، وانظروا في أحوالكم الدينية.

كيف فرط الكثير منا في الأوامر، ووقع في المعاصي والمخازي والمناكر؟ وانظروا في أمر الصلاة، كيف هجرها كثير من شبابنا وفتياتنا، وأهملها كثير من أبنائنا وبناتنا؟ وانظروا إلى المساجد في صلاة الفجر، كيف نام أكثر الناس عنها، وتساهلوا فيها، وتسامحوا فيها، حتى صار ذلك لا يعد بينهم قدحا ولا عيبا، وقيسوا على ذلك عظيم ما نحن عليه من الغفلة والصدود لتعلموا كم نحن على خطر من عقوبة تحلّ، وعافية تزلّ، فاتقوا الله أيها المسلمون وتداركوا ما أنتم فيه بالتوبة والإنابة، والتناصح بينكم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومراقبة أولادكم في أمر الصلاة والدين والسلوك والأخلاق، فلقد أوصانا الله تعالى بوصية عظيمة، وكررها في آيات عديدة ألا وهي الإحسان إلى الوالدين وبرهما.

فأوصانا سبحانه وتعالي بمن كانا سببا في وجودنا، وأوصانا بمن أحسن إلينا بالتربية ونحن صغار، فوجب علينا الإحسان إليهما ونحن كبار، فبرهما سبب لدخول الجنان، والإحسان إليهما سبيل لنيل رضى الرحمن، فما أعظم هذا العمل في الميزان، وما أجله بين بقية الأعمال، فقدم الله تعالي بر الوالدين على الجهاد في السبيل الله الذي يبذل فيه المسلم نفسه وماله لله تعالى وذاك أن بر الوالدين من أعظم أنواع الجهاد، فمن أراد أن يرضى الله تعالى عنه فليحسن إلى والديه، فإن بر الوالدين من أسباب إستجابة الدعاء، وإعانة الله تعالى للعبد حال الضراء، فهذا أويس القرني رحمه الله من التابعين ذكره رسول الله صلي الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه وأن من أعظم صفاته بره لوالدته حتى أصبح ممن لو أقسم على الله لأبره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى