مقال

الدكروري يكتب عن تربية أبناء صالحين مصلحين

جريدة الأضواء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الثلاثاء الموافق 27 فبراير 2024

الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، الحمد لله الذي خلقنا وسوانا، وله الحمد على ما ربانا فيه على موائد البر والكرم، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد الذي أدبه وأحسن خلقه، وأثنى عليه سبحانه بقوله ” وإنك لعلي خلق عظيم ” وعلى آله وأصحابه ومن سار على دربه من الذي صلحت قلوبهم وأنفسهم، وحسنت أخلاقهم وكانوا من الفائزين بإحسانٍ إلى يوم الدين، وبعد روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كانت الأَمة أي الجارية من إماء المدينة لَتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت” رواه البخاري، ولفظ الإمام أحمد رحمه الله إن كانت الوليدة من ولائد أهل المدينة لتجيء فتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينزع يده من يدها، حتى تذهب به حيث شاءت. 

وقال الإمام ابن حجر والمقصود من الأخذ باليد لازمه، وهو الرفق والإنقياد وقد اشتمل على أنواع من المبالغة في التواضع، لذكره المرأة دون الرجل، والأمة أي الجارية دون الحرة، وحيث عمم بلفظ الإماء أي أمة كانت، وبقوله “حيث شاءت” أي من الأمكنة، والتعبير بالأخذ باليد إشارة إلى غاية التصرف، حتى لو كانت حاجتها خارج المدينة، والتمست منه مساعدتها في تلك الحاجة، لساعد على ذلك، وهذا دال على مزيد تواضعه، وبراءته من جميع أنواع الكبر صلى الله عليه وسلم” وإن الأصل في الإسلام هو أن تكون معاملة الطفل بالرفق واللين، لكن إذا دعت الضرورة إلى مجازاته وتأديبه، فلذلك وسائل متعددة، منها التوجيه، ولفت النظر، والإشارة، والتوبيخ، والهجر، والضرب الخفيف غير المبرح.

فيتدرج المربي في هذه الوسائل، ولا ينتقل إلي الجزاء الأعلى إلا في حال عدم جدوى الأدنى، فالمربي كالطبيب، ويعد الضرب أعلى تلك العقوبات، ولا يجوز اللجوء إليه إلا بعد اليأس من كل وسيلة للتقويم، وله شروط تجعل استعماله محدودا وفي أضيق الظروف إذ ليس من الرفق اللجوء إلى الضرب كوسيلة أولى في التأديب، ومن فعل ذلك فقد عنّف وما أدّب، وأفسد وما أصلح، وربما عدّ صنيعه هذا انتقاما وليس تربية وإصلاحا، وعن أم الفضل زوج العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم قالت رأيت كأن في بيتي عضوا من أعضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت فجزعت من ذلك فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له؟ فقال “خيرا، تلد فاطمة غلاما فتكفلينه بلبن ابنك قثم” قالت فولدت حسن فأُعطيته فأرضعته حتى تحرك أو فطمته. 

ثم جئت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجلسته في حجره فبال، فضربت بين كتفيه، فقال “ارفقي بابني رحمك الله أو أصلحك الله، أوجعت ابني” قالت قلت يا رسول الله اخلع إزارك والبس ثوبا غيره حتى أغسله، قال ” إنما يغسل بول الجارية، وينضح بول الغلام” رواه أحمد، كما أن الإحسان يسترق الناس، ويجعلهم كالخاتم بأيدي المحسنين إليهم، وقد قالوا أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم، فإذا سلمنا بهذا، وعرفنا أن رأس المسئوليات وأعظمها بالنسبة للآباء هي تربية جيل صالح، يخدم هذه الأمة، وينتشلها من هوة الجهل والتخلف التي هوت فيها صار لزاما علينا التنبيه على شرف هذه المسئولية، وسبيل إحراز أجرها، بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى