مقال

الدكروري يكتب عن الدرس الرمضانى الكبير

جريدة الأضواء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الخميس الموافق 14 مارس 2024

الحمد لله الذي نوّر بالقرآن القلوب، وأنزله في أوجز لفظ وأعجز أسلوب، فأعيت بلاغته البلغاء، وأعجزت حكمته الحكماء، أحمده سبحانه وهو أهل الحمد والثناء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله المصطفى، ونبيه المرتضى، معلم الحكمة، وهادي الأمة، صلى الله عليه وعلى آله الأبرار، وصحبه الأخيار، ما تعاقب الليل والنهار، وسلم تسليما كثيرا ثم اما بعد ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي الكثير والكثير عن شهر رمضان المبارك، وتمر الأيام سريعا وتنقضي والكل في غفلة إلا ما رحم الله من عباده، أما وقد مضى أربع أيام من شهر رمضان المبارك فإن على المسلم أن يقف مع نفسه وقفة محاسبة جادة، يسأل فيها نفسه ماذا قدم فيما مضى؟ وعلام هو عازم فيما بقى؟ هل وعى الدرس الرمضانى الكبير فانتصر على نفسه؟

وقتل شهواتها، وحطم أصنامها؟ وهل حقق العبودية التامة لربه إمتثالا وإجتنابا؟ وإن على المسلم وقد مضى أربعة أيام من شهره، وقدم فيه ما قدم، أن يحذر من آفة طالما أصابت السالكين، فجعلت إستفادة بعضهم من مواسم العبادة ليست بتلك، تلكم هي آفة الفتور بعد النشاط، والتراخى بعد الشدة، والتى من البلاء أنها لا تصيب صاحبها، إلا فى ختام الشهر وليالى العشر، وبدلا من الإزدياد والتزود بعد التعود، تخور القوى، وتفتر العزائم، ويظهر الكلال، ويدب إلى النفوس الملال، وما هكذا ينبغى أن يكون المؤمن، كيف وقد قال الله تعالى فى سورة آل عمران ” يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون” فطريق الفلاح فيه من الطول ما فيه، ويعترى سالكه من التعب ما يعتريه، وقد حُفت الجنة بالمكاره، ومن بعُدت عليه الشقة، واستهوته الأعراض القريبة. 

تقاصرت همته دون اتباع الهادى، وتخلف عن ركب الناجين، ومن ثم كان لا بد من الصبر والمصابرة والمرابطة، وإتقان العمل، والإحسان والمجاهدة، وبذل الجهد، وتقوى الله قدر الاستطاعة لعل الفلاح أن يكون خاتمة العبد، وثمرة عمله، ولعل ربه أن يرزقَه من معيته ما يتقوى به على طاعته، ويهتدى به إلى سبل مرضاته، فقال تعالى كما جاء فى سورة النحل “إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون” وقال تعالى فى سورة العنكبوت” والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين” والله هذه آية تسع كل الناس، وتسع كل المشكلات، وكل النشاطات ” ومن يتق الله يجعل له مخرجا” لكن المسلمين الآن قلبوا الوجبات الدسمة من النهار إلى الليل، ما فعلوا شيئا جيدا، والحقيقة أنه يوجد هناك رمضان عند بعض المسلمين وقد يكون عند أكثرهم هو موسم لقاءات. 

وموسم سهرات، وموسم ولائم، وموسم سهر إلى ساعة متأخرة من الليل، وموسم حديث بلا ضابط، وبلا هدف، فيرتكبون الغيبة والنميمة، ويطلقون أبصارهم، ويتابعون الأفلام إلى ساعة متأخرة من الليل، ويأكلون، وينامون، ويستيقظون بعد صلاة الفجر، فلقد ابتعد المسلمون أصبح رمضان شهر فلكلورى، لا علاقة له بالدين إطلاقا، فأصبح شهر تراث وعادات وتقاليد، فهذا الذى لا يرى رمضان شهر عبادة، وشهر غض بصر، وشهر ضبط لسان، وشهر تلاوة قرآن، وشهر إنفاق المال، وشهر إحكام الصلة مع الله، وشهر الحب، وشهر القرب، وشهر المغفرة، فإن هذا بعيد عن أن يكون صائما لأن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وصف بعض المنافقين فقال. 

“مثلهم كالناقة عقلها أهلها فلا تدرى لا لِم عقلت و لا لِم أطلقت” فيصوم مع الناس، و يفطر معهم، وهو على ما هو عليه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه” رواه البخارى وأبو داود والترمذى، ورُبَّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، فإن هناك من يصوم فيدافع التدني، جيد، لكن هناك من يصوم فيتابع الترقي، فرق كبير بين من يدافع التدني، وبين من يتابع الترقى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى