مقال

رسول الله في العشر الآواخر

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن رسول الله في العشر الآواخر
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الاثنين الموافق 25 مارس 2024

الحمد لله الذي فضل أوقات رمضان على غيره من الأزمان وأنزل فيه القرآن هدى وبينات من الهدى والفرقان، أحمده سبحانه وأشكره وأشهد أن لا أله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله الذي كان يخص رمضان بما لم يخص به غيره من صلاة وتلاوة وصدقة وبر وإحسان اللهم صل عليه وعلى آله وأصحابه الطاهرين الذين آثروا رضا الله على شهوات نفوسهم فخرجوا من الدنيا مأجورين وعلى سعيهم مشكورين وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين ثم أما بعد إن من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف فى العشر الأواخر من رمضان فى مسجده صلى الله عليه وسلم، فكان يعتزل النساء، ويلتزم المسجد، ويحيى الليل بالصلاة والعبادة، ولا يشغل نفسه في هذه العشر إلا بالعبادة، العبادة فحسب.

بل كان يقتطع من الوقت ما استطاع ويفرغ منه ما أمكن، فلا يضيع منه شيئا ولو حتى في تناول الطعام، فقد كان يواصل الصيام إما للسحر وإما لأيام متتالية تفريغا للوقت في الطاعة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال “نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن الوصال فى الصوم فقال له رجل من المسلمين إنك تواصل يا رسول الله، قال “وأيكم مثلى، إني أبيت عند ربى يطعمنى ويسقينى” رواه البخارى ومسلم، وقال ابن رجب الحنبلى ومعلوم أنه لا يطعمه الطعام والشراب الحسى، لأن ذلك مناف لحقيقة الصيام، وإنما هو إشارة إلى ما كان يفتحه الله عليه من مواد أنسه ونفحات قدسه، فكان يرد على قلبه من المعارف الإلهية والمنح الربانية ما يغذيه ويغنيه عن الطعام والشراب كما قيل لها أحاديث من ذاكراك تشغلها عن الطعام وتلهيها عن الزاد.

والمقصود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أشد ما يكون إجتهادا فى هذه العشر الأواخر، وهكذا ينبغى على المسلم أن يتخفف من المباحات ويقلل من أوقات الأكل والنوم ليفسح للطاعات مكانا، ويواصل عبادته بالليل والنهار تقربا إلى الله تعالي، وتشبثا بأسباب المغفرة، وفى الثلث الأخير من شهر رمضان المعظم تتضاعف الحسنات وتتعدد المناسبات فقد جعل الله تبارك وتعالى في العشر الأواخر ليلة القدر التى هي خير من ألف شهر إكراما من الله لأمة محمد صلى الله عليه وسلم حتى تكثر حسناتها ولا تسبقها الأمم الأخرى، فعن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه” رواه البخارى ومسلم، وإن من أهم الأعمال التى عليك أن تحرص عليها في العشر الأواخر من رمضان، هو إحياء الليل.

فعن السيدة عائشة رضى الله عنها “أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر أحياء الليل وأيقظ أهله وشد مئزر” ومعنى إحياء الليل أى استغرقه بالسهر فى الصلاة والذكر وغيرهما، وقيام الليل فى هذا الشهر الكريم وهذه الليالى الفاضلة لا شك أنه عمل عظيم، جدير بالحرص والاعتناء حتى نتعرض لرحمات الله جل شأنه، وأيضا الإعتكاف، ومما ينبغى الحرص الشديد عليه فى هذه العشر هو الاعتكاف فى المساجد التى تصلى فيها فقد كان هدى النبى صلى الله علية وسلم المستمر الاعتكاف في العشر الأواخر حتى توفاه الله، فعن السيدة عائشة رضى الله عنها قالت وإنما كان يعتكف فى هذه العشر التي تطلب فيها ليلة القدر قطعا لانشغاله وتفريغا للياليه وتخليا لمناجاة ربه وذكره ودعائه، وكان يحتجز حصيرا يتخلى فيه عن الناس فلا يخالطهم ولا ينشغل بهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى