مقال

صدقوا ما عاهدوا الله

جريدة الاضواء

صدقوا ما عاهدوا الله
كتبت /منى منصور السيد
‏ضرار بن الأزور وخولة بنت الأزور مجاهدين فى سبيل الله
يضربون أروع الأمثال فى الصمود والإباء فى قتال الروم
الشيطان عار الصدر كما أطلق عليه الروم هو الصحابي الذي هجم على جيش وحده حتى ظن أعدائه من شدة بأسه أنه شيطان ..
وأطلقوا عليه بالفعل لقب الشيطان عارِ الصدر ..!!
إنه
الصحابي الجليل ضرار بن الأزور •••!!!
كان ضرار بن الأزور.
مقاتلاً من الطراز الأول، شجاعاً مقداماً يخترق الصفوف بلا خوف أو تردد،
مما جعل سيف الله خالد بن الوليد
يعتمد عليه اعتماداً كبيراً في فتوحاته بالشام،
لدرجة أن أصبح ضرار هو الرجل الثاني في الجيش بعد خالد.
وأما سبب اللقب الغريب الذي أطلقه عليه أعدائه، فكان في معركة أجنادين بين المسلمين والروم، وكان عدد الروم 90 ألف مقاتل، بينما عدد المسلمين يقارب الـ30 ألف مقاتل فقط.
وتميز ضرار في هذه المعركة، فأحدث مقتلة عظيمة في صفوف الروم على الرغم من تفوقهم العددي، وفي أثناء المعركة ومع اشتداد الحر خلع ضرار بن الأزور درعه وقميصه لكي يستطيع التحرك بخفة، فما إن رآه الأعداء عاري الصدر حتى قالوا هذه هي الفرصة التي لن تعوّض لنقتل الرجل الذي أزعجنا منذ بداية المعركة فهو الآن بلا درع يحميه، فتجمع عليه الجنود حتى كاد لا يرى، فقتلهم جميعاً بلا استثناء، وخرج بين بينهم بلا خدش، فأطلقوا عليه لقب الشيطان عاري الصدر، وانتشرت هذه الأسطورة في صفوف الأعداء بسرعة رهيبة، بل تعدت هذا الجيش إلى جيوش الروم الأخرى، وأصبح بعد ذلك يقاتل عاري الصدر متعمداً ليرهب الأعداء، فما أن يروه حتى يفرون من أمامه قائلين “جاء الشيطان عاري الصدر.. جاء الشيطان عاري الصدر
فى تلك المعركة معركة أجنادين وصل ضِرار رضى الله عنه الى قائد الروم”وردان” وعرفه من تلقاء نفسه إنه الشيطان عاري الصدر
فدارت مبارزة قوية بينهما
فاخترق سيف ضرار صدر (وردان)
وأكمل السيف المهمه فقطع رأسه..
وعاد ضرار برأس (وردان) إلى المسلمين
عندئذ انطلقت من معسكر المسلمين
صيحات التكبير .. الله أكبر الله أكبر
في حصار دمشق.. دخل ضرار بن الازور على جيش الكفار
و أخذ يقتل فيهم .. يمنة و يسرة
حتى خافوا و لم يستطيعوا أن يقاتلوه وجهاً لـ وجه
فــاخذوا يضربوه بالسهام من بعيد .. اتخذوا أسلوب الجبناء في القضاءعلى ضرار
حتى سقط أسيراً للروم الكفار .. أرادواأن يأخذوه حياً إلى الإمبراطور الروماني “هرقل” لـ يقدموه هدية .. وأي هدية
يقدموا له “الشيطان عاري الصدر” على حد قولهم لـ يقتله بـ نفسه
و لكن هيهات .. لقد أنقذه المسلمون.. ولو تعرفون من أنقذه!!!لأصابكم الذهول
قدم خالد ابن الوليد رضي الله عنه بـ جيش كامل يساند جيش المسلمين و يحاول إنقاذ ضرار
و إذ في الجيش .. منظر شاب.. ملثم الوجه .. لا يُرى الا عيناه
شاب .. رائع
أخذ يهجم وحده على الكفار. يقتل منهم و ينسحب
حتى جُن جنون الروم .. “أقتلوا هذاالفارس”
أخذت كتبية تلحق خلف هذا الفارس.. فـاستدرجهم حتى ذبحهم كلهم جميعاً
و ذهب له خالد ابن الوليد .. “لقد ملأت قلوبنا اعجاباً ايها الشاب .. فـ قل لنا من أنت”
نظر اليه الفارس دون أن يجيب.. و أنطلق يغير مرة أخرى على الكفار
قتل فيهم .. ذبح فيهم
و هُنا .. أمر خالد بالهجوم الشامل من جيش الاسلام على جيش الكفار
و أصر خالد .. “من أنت أيها الفارس فو الله لـ نكرمك”
و هُنا .. كاد يُغمى على خالد ابن الوليد عندما سمع ذلك الصوت فكانت خولة بنت الأزور فهى أسلمت مع أخيها بعد الفتح، وشاركت في العديد من الغزوات، كحرب المرتدين، وفتوح الشام، ونذرت نفسها للإسلام وكانت قد رافقت ضرار فى حرب الشام ، وشاركت خولة مع النساء المجاهدات في الحروب ما بين السقاية وتضميد الجرحى، وفي أثناء القتال، أسر الروم مجموعة من النساء من بينهن خولة بنت الأزور، فانتفضت خولة وقالت للأسيرات، بأن الموت بشرف أفضل من الاستسلام، وحضتهن على الهجوم والهرب من الحراس.

فصاحت بهن: «يا بنات العم إن الريح مواتية وإن فرصة الخلاص لتبدو لنا، فها قد حان وقت العمل وإن الموت لأشرف لنا من فضيحة تلحق بنا في آخر الزمان، علينا أن نحمل حملة صادقة تذهل العدو، فننجو أو نستشهد في سبيل الله، خذن أعمدة الخيام والأوتاد في أيديكن ولنحمل معا على هؤلاء الحراس، ولنتماسك ولنتكاتف ولا تكن بيننا ثغرة ينفذ إلينا منها أحد، أشددن معي، والله معنا والله أكبر».

فاستجابت لها المجاهدات الأسيرات، فاقتلعن الأعمدة والأوتاد من الخيام، وهجمن على الحراس، فقتل منهم من قتل، وفر من فر، وعادت النساء وعلى رأسهن الفارسة المجاهدة إلى صفوف المسلمين وأشهر ما عرفت به خولة بنت الأزور هو موقفها البطولي الذي أنقذت فيه أخاها من الأسر حيث تنكرت بزي فارس، وهرعت إلى نجدة أخيها، ودب الهلع بين صفوف الروم حين رأوا بسالة هذا الفارس، وأعجب المسلمون به وظنوا أنه خالد بن الوليد، حتى أن خالد توجه إليه ليكشف عن هويته، فقال الفارس: «أيها الأمير إني لم أعرض عنك إلا حياء منك لأنك أمير جليل وأنا من ذوات الخدور وبنات الستور، وإنما حملني على ذلك أنني محرقة الكبد زائدة الكمد، أنا خولة بنت الأزور، أتاني خبر أسر أخي فركبت وفعلت ما فعلت « وهناك صاح خالد بن الوليد في جنده فحملوا على الروم، وحملت معهم وبقيت في جهادها حتى استنقذت أخاها من الروم وعرفت خولة بالذكاء والفطنة والجرأة والشجاعة والبسالة والكرامة والقوة كل هذه المناقب جعلت النساء يحتذين بها ويستمددن قوتهن منها، كما عرف عنها اللسان الفصيح والقول البليغ، وكانت تقرض الشعر، وقالت في رثاء أخيها بعد أن مات بطاعون عمواس:

أبـعـد أخي تلذ الغمض عيني

فـكـيـف يـنام مقروح الجفون

سـأبـكـي مـا حييت على شقيق

أعـز عـلي مـن عـيني اليمين

وإنـا مـعـشـر مـن مـات مـنـا

فـليـس يـمـوت موت المستكين

وقالوا لم بكاك فقلت مهلا

أما أبكي وقد قطعوا وتيني
و توفيت خولة بنت الأزور سنة ستمائة وتسعة وثلاثين، ودفنت في البلقاء.صدقوا ما عاهدوا الله

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى