خواطر وأشعار

اِستِجّوَابٌ

جريدة الاضواء

** اِستِجّوَابٌ **

هَلْ جرّبتَ أنْ يَسرِقَ لِصٌّ
حَفنةً مِن أحْلامِك؟
أوْ تُصادَرَ مِنك مدينةُ عِشقٍ
شَيّدْتَها بِأعْمِدَةٍ مِن أسْعدَ ايّامِك؟
أنَا جرّبتُ ذَلِك..
ضِعتُ فِي غُربةٍ أسْهَدَتْنِي
أُضاحِكُ شوارِعَها التِي ابكَتنِي..
و لا شمسَ تمسَحُ غَيمَها عَن جَبِينِي
حِين يَتلبّدُ الحُزنُ فِيه
فتُمطِرُ الدّمُوعُ و تغمُرُ المَسالِكْ..
هَل شَعُرْتَ مِثلِي بِشيءٍ مِن ذلكْ؟؟

أنا جرّبتُ أنْ أتدرّبَ
على مُراوَغةِ المآسِي
على اختِطافِ أُغنِيةٍ حُلوَةٍ
مِن ثَغرِ الصّباحِ و مِن هُدْبِ الأمَاسِي..
جرّبتُ أنْ أحمِلَ لِلّيلِ تَنهِيدةً
أُشكّلُ باقتَهَا مِن الزّنْبَقِ و الآسِ
أن اُجَمِّعَ فِي لحظةِ فرَحٍ مَسرُوقَةٍ
كُلَّ المَواوِيلِ.. و كلَّ التّراتِيلِ
و كُلَّ العِباداتِ.. و كلَّ المَناسِكْ..
هَل حاوَلتَ مثلي أن تُجرّبَ ذلِك؟؟

هَلْ جرّبْتَ يَوْمًا
أنْ تُعَوِّدَ نَفسَكَ
عَلى العَيْشِ وَحِيدًا فِي قَلْبِ الزِّحَامِ ؟؟
أنْ تجلِسَ إلى طَاوِلَةِ الوِحدَةِ
تَهمِسُ نَجْواكَ.. لِلرِّيحِ..
لِشاطِئِ البحرِ.. عَلى وَقْعِ الأنْغامِ ؟؟
أنْ تمْنَعَ عَن رُوحِكَ
نَافِذةً دفِيئَةً لِلحُبِّ و الغَرامِ..
أنْ تُقفِلَ عَينَيْك
كَيْ لا تَرَى حَبِيبًا يُضِيءُ بَعْضَ لَيْلِكَ
وَسْطَ الظّلَامِ الحالِكْ؟؟
انا جَرّبتُ ذلِكْ..

جَرّبتُ أنْ أتدرٌّبَ
عَلى تَضْمِيدِ رُوحِي المُنْهَكَةِ.. لِوَحْدِي
عَلى جَعْلِ لِسَانِي مِطْفَأةً لِقلْبِي..
عَلى رَسْمِ غَدِي بِكبَدٍ.. لِوَحْدِي
على أنْ اتوَكّأَ عَلَيَّ بَعْدَ كُلِّ كَبْوَةٍ
أرتقُ خُدوشَها.. أُرَمّمُ كُسورَهَا
لِأبحَثَ مِن جَديدٍ..
عَن مِسْرَبٍ لِلمَجْدِ..
فِي العُمْرِ المُتَهالِكْ
فَهل جرّبتَ ذلكْ؟؟

و هل جرّبتَ يَومًا
أنْ تَبحَثَ عَن ذاتِكْ ؟؟
أنْ ترتَقِي بِسِعرِكَ و ثَمَنِ حياتِك ؟؟
انا بحثتُ عنِّي فِي مِرآة ذاتِي
كما بحثتُ عَنْكَ فِيها..
عن قِيمَةِ الحياةِ..
عَن بَسمَةٍ.. عن قُبلةٍ صَادقةٍ
لِمَن أحبُّهُم أُهدِيها
عَن نَظرَةٍ.. عن لَمْسةِ يَدٍ
أُحِسُّ ذاتِي فِيها
فَمَا أَلْفَيْتُ غَيرَ وَخْزِ القَتادِ الشّائِكْ..
هَل شَعُرتَ مِثْلِي بِشَيءٍ مِن ذلك؟؟

جرّبْ أيَا الإنسان
أنْ تَشعُرَ مَعِي
بِقَسْوَةِ الخِلّانِ يلبَسُهَا الزّمانُ..
أنْ تشعُرَ مَعِي بِقَسوةِ الرّذائِلِ
تُناكِبُ الفَضَائِلَ ..
جَرِّبْ كَمَا جرّبتُ..
أن تصرُخَ بِقُوَّةِ الرُّعودِ
و صَوْتُك يَضِيعُ
فِي صَخَبِ الثّغاءِ و الغَوغَاءِ
و نَعَقِ الغِربانِ ..
جرّبْ مَعِي أنْ تَنبُتَ فِي أرضٍ
كلّمَا رَوّيتَهَا بِحُبٍّ تَحْرِمُكَ الأمانَ
أنْ تَثْبُتَ فِي وَطَنٍ تَعشَقُهُ
عَلى مَدَى الزّمانِ
حتّى و إنْ كان لا يَسَعُ أحْلَامَكْ..
أنا جرّبتُ.. بَلْ إنّنِي مازلتُ..
أُجرِّبُ ذلِكْ……

كوثر_بلعابي ( تونس)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى