مقال

داء مُنصف يفتك بصحابه

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن داء مُنصف يفتك بصحابه
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 20 مارس 2024

الحمد لله الكريم الوهاب وهبنا نعمة الإيمان، والأمن في الأوطان، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، الرحيم الرحمن، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد ولد عدنان المرسل بالقرآن إلى الثقلين الإنس والجان، صلى الله عليه وعلى آله وأزواجه وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد إن ديننا الإسلامي العظيم دين كتب الله له الخلود حتى يذهب زمان الحياة الدنيا، فليس هناك خطر على الإسلام مهما تكالب عليه الأعداء، وحاكوا له المؤامرات، وبذلوا الجهود المختلفة من أجل إطفاء نوره، ولقد حورب الإسلام منذ بزوغه إلى يومنا هذا حروبا عدة ظاهرا وباطنا فيسعي الكثير من الناس اليوم إلي الحصول علي الشهرة والنجومية حتي وإن كانت علي حساب دينهم، وقد يبيع البعض دينه بدنياه فيسعي إلي الدنيا الفانية ومتاع الغرور ويترك طريق الهداية والرشاد.

ويبعد عن طريق الله عز وجل وقد يرتكب المعاصي والذنوب من أجل الوصول إلي هدفه الخادع المزيف، ويجب عليه أن يعلم أن حب الشهرة هو داء مُنصف يفتك بصحابه قبل أن يفتك بغيره، وإن من الاغترار بالدنيا هو السعي خلف الشهرة وبريقها، فكثير من الناس تتوق نفسه إلى أن يُشار إليه بالبنان أو أن يكون هو حديث المجالس أو أن يُسمع قوله أو يُكتب، لذا قد يسعى بعضهم بكل سبيل إلى تحقيق ذلك ولو على حساب مخالفة الدين والأخلاق، إذ من خصائص الشهرة أنها تؤز المرء إلى المغامرة أزا، ويدعى إلى تبرير كل وسيلة موصلة إليها دعا، وهنا مكمن الخطر ومحمل الشرك الذي لا ينتقش، ولكن يجب أن تكون كل أعمال المسلم ومقاصده محصورة في طاعة الله ورضوانه، وعلى المسلم أن يكون قصده وعمله وكل ما يقدمه من عمل هو وجه الله تعالى، سواء في أثناء حياته.

أو ما يعقبه من عمل صالح بعد مماته، وهو لله، وإلى الله، وفي سبيل الله، ولطاعة الله تعالى ، فإذا كان لله لم يبقي فيه نصيب لغير الله، وقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : “من لبس ثوب شُهرة ألبسه الله يوم القيامة ثَوب مذلة ” وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين يفرون من الشهرة وعدم الإخلاص لله في الأقوال والأفعال، كما تفر الفريسة من الأسد، فهذا بريدة بن الحصيب يقول “شهدت خيبر، وكنت فيمن صعد الثلمة، فقاتلت حتى رُئي مكاني، وعليّ ثوب أحمر، فما أعلم أني ركبت في الإسلام ذنبا أعظم عليّ منه” وينبغي للعالم أن يتكلم بنية وحسن قصد، فإن أعجبه كلامه فليصمت، فإن أعجبه الصمت فلينطق، ولا يفتر عن محاسبة نفسه، فإنها تحب الظهور والثناء ، والشهرة يجب ألا تكون هدفا في ذاتها بل يمكن أن تكون نتيجة للأعمال الصالحة أحيانا.

فعلى من ابتلي بها الصبر والمجاهدة ومدافعتها قدر الإمكان دون الإخلال بوظيفته الصالحة في الحياة، وإن البحث عن الشهرة خلل في عقيدة التوحيد، وانقلاب في مفاهيم الغاية البشرية في الوجود، ونكسة في ترتيب الإهتمامات، فهو الصورة التطبيقية للرياء المحبط للأعمال في ميزان الشريعة وأما من اشتهر بالعلم والزهد والورع ونيته صالحة وعمله خالصا لوجه الله فإنه خارج عن هذه الدائرة ولكن الواجب عليه أن يتفقد حال قلبه بين الفينة والأخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى