مقال

إياكم والإصرار على المعاصي

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن إياكم والإصرار على المعاصي
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا محمد وعلى آله وصحبه، فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، ثم أما بعد اعلموا يرحمكم الله أن هناك عدة أسباب تؤدي إلى حسن الخاتمة ومن أعظمها أن يلزم الإنسان طاعة الله تعالي ورأس ذلك وأساسه تحقيق التوحيد، والحذر من ارتكاب المحرمات، والمبادرة إلى التوبة مما تلطخ به المرء منها، وأعظم ذلك الشرك كبيره وصغيره، ومنها الإستقامة على الطاعة، ومنها ملازمة الإيمان والتقوى لله تعالي، وفي ذلك بشرى الملائكة للمؤمن عند احتضاره بالجنة والمغفرة كما في حديث البراء بن عازي رضي الله عنه أن المؤمن إذا حضره الموت، جاءه ملائكة بيض الوجوه، بيض الثياب،

فقالوا اخرجي أيتها الروح الطيبة إلى روح وريحان، ورب غير غضبان، فتخرج من فمه، كما تسيل القطرة من فم السقاء، وقد أخبرنا الله عز وجل أنه يثبت المؤمنين الذين لازموا الإيمان بكلمة التوحيد وحسن الخاتمة، وكلمة التوحيد، هي قول لا إله إلا الله، ومنها أيضا أن يلح المرء في دعاء الله تعالى أن يتوفاه على الإيمان والتقوى، وأفضل الدعاء اللهم أحيني على الإسلام وتوفني على الإسلام وألحقني بالصالحين، اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أعمارنا أواخرها، وخير أيامنا يوم نلقاك فيه واللهم اختم بالباقيات الصالحات أعمالنا، ومنها أيضا أن يعمل الإنسان جهده وطاقته في إصلاح ظاهره وباطنه وأن تكون نيته وقصده متوجهة لتحقيق ذلك، فقد جرت سنة الكريم سبحانه أن يوفق طالب الحق إليه، وأن يثبته عليه وأن يختم له به، ولقد ذكر الإمام ابن القيم رحمة الله تعالي.

عدة مواقف للخواتيم، فقال أخبرني بعض التجار عن قرابة له أنه احتضر وهو عنده، وجعلوا يلقنونه لا إله إلا الله وهو يقول هذه القطعة رخيصة، وهذا مشتري جيد، وهذه كذا، حتى قضى ولم ينطق التوحيد، وأخبرني من حضر عند وفاة أحد الشحاتين فجعلوا يقولون له قل لا إله إلا الله فجعل يقول فلس لله، فلس لله، حتى ختم بهذه الخاتمة، وقيل لآخر كان يدمن الغناء قل لا إله إلا الله، فجعل يهذي بالغناء ويقول تاننا تنتنا، حتى مات، فكيف يوفق لحسن الخاتمة من أغفل الله سبحانه قلبه عن ذكره، واتبع هواه، وكان أمره فرطا؟ فبعيد من قلب بعيد من الله تعالى، غافل عنه، متعبد لهواه، أسير لشهواته ولسان يابس من ذكره، وجوارح معطلة من طاعته مشتغلة بمعصيته أن توفق للخاتمة بالحسنى، فإذا أردتم حسن الخاتمة فحافظوا على الطاعة والزموها.

لأنكم ستموتون على ما كنتم تفعلونه وتداومون عليه خيرا أو شرا في دنياكم، وكما أن هناك أسباب لحسن الخاتمه فإن هناك أيضا أسباب وعوامل لسوء الخاتمة حتى نحذر منها فمنها هو فساد الإعتقاد فمن فسدت عقيدته ظهر عليه أثر ذلك حين خروج الروح في وقت هو أحوج إلى العون والتثبيت من الله تعالى، ومنها الإقبال على الدنيا والتعلق به بحيث تكون الدنيا في قلبه لا في يده، ومنها العدول عن الإستقامة والإعراض عن الخير والهدى، ومنها الإصرار على المعاصي وإلفها، فإن الإنسان إذا ألف شيئا مدة حياته وأحبه وتعلق به، يهوى ذكره إليه عند الموت، ويردده حال الإحتضار في كثير من الأحيان، وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالي إن الذنوب والمعاصي والشهوات تخذل صاحبها عند الموت، مع خذلان الشيطان له، فيجتمع عليه الخذلان مع ضعف الإيمان.

فيقع في سوء الخاتمة، وسوء الخاتمة أعاذنا الله منها لا يقع فيها من صلح ظاهره وباطنه مع الله، وصدق في أقواله وأعماله، فإن هذا لم يسمع به، وإنما يقع سوء الخاتمة لمن فسد باطنه عقدا، وظاهره عملا، ولمن له جرأة على الكبائر، وإقدام على الجرائم ، فربما غلب ذلك عيه حتى ينزل به الموت قبل التوبة، لأجل ذلك كان جديرا بالعاقل أن يحذر من تعلق قلبه بشيء من المحرمات، وجديرا به أن يلزم قلبه ولسانه وجوارحه ذكر الله تعالى، وأن يحافظ على طاعة الله عز وجل حيثما كان، من أجل تلك اللحظة التي إن فاتت وخذل فيها شقي شقاوة الأبد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى