مقال

وإفعلوا الخير لعلكم تفلحون ” الجزء الثالث

وإفعلوا الخير لعلكم تفلحون ” الجزء الثالث

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع وإفعلوا الخير لعلكم تفلحون، فيا أيها المسلم كن من الموفقين بإذن الله، وانبعث في الخير وميادينه، وتنسّم شذى رياحينه، مهما تنوّعت ميادينه، وتعددت مجالاته، علمية أو دعوية، إغاثية أو طبية، إنسانية أو عمرانية، وصفوة القول هو أغث ملهوفا، وابذل معروفا، وآسى مكلوما، وانصر مظلوما، وصل محروما، ويسّر عسيرا، واجبر كسيرا، واستعصم بالوحيين، وأصلح بين متخاصمين، وواسى مفئودا، ورغّب في الخير كنودا، وانشر علما أو كتابا، وأعن منقطعا أو منتابا، وأتقن عملا، وحقق أملا، وأرشد حائرا، وعظ جائرا، واشفع في الخير شفاعة، واترك الشر وسماعه، واكفل يتيما، وعالج سقيما، وصل أرحاما، وتعهّد أيامى، وتعطف فقيرا، فلن يسلبك نقيرا، وأنشئ مركزا دعويا، وأسس صرحا خيريا، كن قدوة في الأمة ومثالا، حالا ومقالا، ضع لك في الخير بصمة، واحذر من الشر ووصمه، فإنه الإحسان الرقراق الشامل، والمعروف الهامل، الذي لا يرد عنه قاصد ولا آمل.

 

وذلك وايم الحق نشدان الكمال في أبهى معانيه، وأسمى معاليه، ومن نصب في ذلك فإنما ينصب لحياة الأمة ونمائها، وعزها وبقائها، وعلى الضد من ذلك هى صفحة سوداء كالحة، أقزامها الساعون في الشر والفساد، والشقاق والعناد، جزاؤهم بئس المهاد، الذين غلت مراجل قلوبهم حسدا وحقدا على رموز الأمة وقممها، وانطوت أفئدتهم على سوء ظن وطغيان، إنهم رأس الإثم والعدوان، والبغي والبهتان، المتطاولون بالنكر والمقراض في أطهر وأزكى الأعراض، عرض أم المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها وعن أبيها، المبرأة من فوق سبع سماوات، من أنزل الله فيها قرآنا، وحججا على العفاف وبرهانا، ولكن الأَفكة المأفونون يا ويحهم خروا عليها صُما وعُميانا، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله “من أصول أهل الإيمان هو سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم” وليكن منكم بحسبان أن ليس شيء من البر والإنعام إلا دونه عقبات شداد.

 

توجب جلد الفؤاد فمن اصطبر عليها وفق للمراد، وليس راء كمن سمع وأعاد، ولن تقوم تربية للأجيال راشدة، وأمجاد للإنسانية رائدة إلا إذا غُرست معاني الرحمة والحنان، وقيم الفضل والإحسان، في نفوس العالمين، وفي الصدارة فلذات أكباد لمسلمين، ألا فلتمضوا في صناعة الخير ودفع الشر والضير، ولو على مثل حد الصراط، أو في مثل سم الخياط، يتحقق لكم من الباري الفوز والاغتباط، بمنه وكرمه، إنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، فاتقوا الله الذي يعلم السر وأخفى، وتنافسوا في الخيرات تفوزوا بالجزاء الأوفى، وإن في عصرنا الحاضر الذي سادت كثيرا من أرجائه أنقاض التناحر والأرزاء، وأنكاث العصبية الرعناء، والمساغب والعناء، والحملات الحاقدة الشعواء، مع قصور الهمم عن أعالي القمم، وأنه على المسلم أن يسارع إلى الطاعات فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في أجر من سابق إلى الصف الأول ” لو يعلمون ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه” 

 

وعن جابر رضي الله عنه قال “قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد أرأيت أن قتلت فأين أنا؟ قال في الجنة؟ قال فألقى تمرات كن في يده، ثم قاتل حتى قتل” وإن للمسارعة إلى الخيرات فوائد كثيرة منها أنها استجابة لله ورسوله، ومن فوائد المسارعة إلى الخيرات أنها دليل على علو الهمة، والإسلام حث على علو الهمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز” وقال صلى الله عليه وسلم ” إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس” ومن فوائد المسارعة للخيرات أن الإنسان لا يدري ما يعرض له من موت أو مرض وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، أو ولد صالح يدعو له” وقال صلى الله عليه وسلم “اغتنم خمساً قبل خمس، حياتك قبل موتك، وصحتك قبل مرضك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك” وقال صلى الله عليه وسلم ” بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا. 

 

يبيع دينه بعرض من الدنيا” فلا يدري الإنسان متى يهجم عليه الموت لأن الموت يأتي بغتة، والقبر صندوق العمل، فالموت لا يستأذن على أحد، ولا يعرف بوابا، ولا وزيرا، ولا يعرف عظيما، ولا حقيرا، ولا يعرف حاكما، ولا محكوما، وإن الخير هو اسم شامل لكل ما ينتفع به المرء عاجلا أو آجلا، والخير نسبي منه ما يقابل الشر، ومنه ما يقابل خيرا آخر لكونه أفضل منه ويعتبر العمل الخيري في الإسلام من أهم الأعمال شأنه شأن باقي الأمور التي يقوم بها المسلم، لأنه عمل يتقرب به المسلم إلى الله وهو جزء من العبادة، وقد أكثر الله سبحانه وتعالى، من الدعوة إلى الخير، وجعله أحد عناصر الفلاح والفوز، وكما أمر سبحانه وتعالى بالدعوة إلى فعل الخيرات إضافة إلى فعله، ونجد كذلك في القرآن الكريم ربطا بين الصلاة وإطعام المساكين، وروى ابن ماجة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” إن هذا الخير خزائن، ولهذه الخزائن مفاتيح، فطوبى لعبد جعله الله مفتاحاً للخير، مغلاقا للشر، وويل لعبد جعله الله مفتاحا للشر مغلاقا للخير”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى