مقال

نفحات إيمانية ومع التقوي مفاتيح الفرج ” جزء 4″

نفحات إيمانية ومع التقوي مفاتيح الفرج ” جزء 4″

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع التقوي مفاتيح الفرج، وإن من المفاتيح وهو آخرها التفرغ للعبادة، فاجعل لك من وقتك جزء ونصيبا للتفرغ فيه لعبادة ربك سبحانه وتعالى، فقد روى الإمام أحمد والترمذى ” ابن آدم تفرغ لعبادتى، أسد فقرك وأملأ صدرك” فالله الله بالعبادة عباد الله، تقربوا إلى مولاكم ما دمتم على قيد الحياة، واستعدوا لآخرتكم، فإن الموت قادم على كل إنسان، فسبحانه القائل ” كل نفس ذائقة الموت” فإن حياة الإنسان في هذه الدنيا بين مد وجزر, تضيق وتفرج, يفرح ويحزن, ينشغل ويفرغ، وبعد الشدة فرج، فلا تبقى هذه الحياة على حال, فقال تعالى ” لقد خلقنا الإنسان فى كبد ” وما ضاقت إلا فرجت فسبحانه القائل ” فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا”

 

ولن يغلب عسر يسرين، وبعد الشدة فرج، فإذا دهمتك مصائب الحياة, وضاقت عليك الأرض بما رحبت, فتذكر أن لك ربا يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء,، وتذكر أن بعد الشدة فرجا، وإذا وقع بك يوما البلاء, وضاق بفسحة العيش الفضاء, فتذكر أنك لست أول من عانى مثله, وقد ابتلى قبلك أقوام فزال البلاء، وذهبت الشدة وجاء الفرج، فهذا نبى الله يوسف عليه السلام, ألقي في غيابة الجب, وبيع بثمن بخس دراهم معدودة, ثم اتهم في عرضه, وسجن ظلما, ضيق بعد ضيق, وشدة بعد شدة، لكن العاقبةخير وتمكين فى الأرض، فاعلم أن بعد الشدة فرج، وهذا نبى الله يعقوب عليه الصلاة والسلام, يُخطف منه أحب أولاده إليه, وآثرهم لديه, ثم يتبعه ابنه الثاني بعد سنين.

 

فعمي من كثرة البكاء والحزن على فقد ولديه، وبعد سنوات من الشدة والبلاء يعود له الولدان, وهذا يونس عليه السلام يُلقى من السفينة, إلى بحر متلاطم الأمواج, فالتقمه الحوت, ففتح عينيه, فإذا هو حي في ظلمة بطن الحوت, في ظلمة البحر, في ظلمة الليل, ظلمة وسط ظلمة وسط ظلمة ” فنادى فى الظلمات إن لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين” فقال الله تعالى ” فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجى المؤمنين” وهذا أيوب عليه السلام يطول به البلاء, وتنتشر في جسده الأمراض والأدواء, ويطول به الأمر حتى هجره الناس, وهجره أخيرا أهله وزوجه, هجروه وتركوه, ثم يدعوا الله عز وجل فيكشف ما به من سوء.

 

وهذا نبى الله زكريا عليه السلام, طال عيشه ولم يرزق بالولد, كبر سنه, ورق عظمه, وهزل لحمه, واشتعل رأسه شيبا، لكنه ما فتئ يدعو ربه, حتى وهب له الذرية الصالحه، نعم لقد علموا أن بعد الشدة فرج، وهذا نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يهاجم من كفار قريش وصناديدها, ويُتهم في عقله, يشاع أنه ساحر، كاهن، مجنون، يصلي عند الكعبة فتلقى على عنقه الأوساخ والقاذورات, ثم يخرج من مكة طريدا, فيتبعه الكفار ويقاتلونه في عدة معارك, يشج رأسه, وتكسر رباعيته, وفي النهاية يدخل مكة فاتحا متواضعا, فيعفو عن كفار قريش, ويقول لهم اذهبوا فأنتم الطلقاء, وبعد الشدة يكون الفرج، وتقول العرب “دوام الحال من المحال” ويقولون “اصبر تنل”

 

ويقولون “كل هم إلى فرج” فإذا أصبت بمصيبة, أو نزلت بك نازلة, فتذكر أن أصعب ما في المصيبة أولها ثم تهون، وتذكر أن وقت الشدة سيزول ويذهب, وأن الصبر عند الصدمة الأولى، وقيل أن ملكا من ملوك الهند طلب من وزير له أن ينقش على خاتم له جملة, إذا قرأها وهو حزين فرح, واذا قرأها وهو سعيد حزن, فنقش الوزير “هذا الوقت سوف يمضي” فدع الأيام تفعل ما تشاء، وطب نفسا إذا حكم القضاء، ولا تجزع لحادثة الليالي، فما لحوادث الدنيا بقاء، فإذا طرقت أحدنا مصيبة أو بلية فليحسن الظن بالله, فروى المنذري من حديث واثلة بن الأسقع رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” قال الله عز وجل أنا عند ظن عبدى بى، إن ظن خيرا فله، وإن ظن شر فله”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى