مقال

نسائم الايمان ومع الصدقة شفاء وداوء ” الجزء التاسع

نسائم الايمان ومع الصدقة شفاء وداوء ” الجزء التاسع

إعداد محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء التاسع مع الصدقة شفاء ودواء، وتوقفنا عند من كان مشتركا في صندوق من الصناديق الاستثمارية يجب عليه أن يخرج ما يخصه منها من زكاة لأن البنوك لا تدفع زكاة الصناديق الاستثمارية لمصلحة الزكاة والدخل، فمصلحة الزكاة والدخل إنما تأخذ زكوات الشركات فقط، أما الصناديق الاستثمارية فإنها لا تجبى زكاتها وعلى هذا فإن من كان مشتركا في صندوق استثماري فعليه أن يخرج القدر الواجب عليه من الزكاة، ومما يكثر السؤال عنه من مسائل الزكاة هو زكاة الأراضي وزكاة الأراضي متأثرة بنية المالك فإن كان المالك لهذه الأرض لا يريد بيعها، وإنما يريد أن يبني عليها مسكنا أو يريد أن يبني عليها عقارا لتأجيره فهذا لا زكاة عليه، وكذلك إذا كانت نيته غير واضحة أي أنه متردد في النية فتارة يقول أريد أن أبني وتارة يقول أريد أن أبيع فهذا لا زكاة عليه أيضا، وإنما الزكاة تجب على من جزم بنية البيع إما في الحال، أو في المستقبل فهذا قد أعدها للتجارة. 

 

ومما يحسن التنويه عنه أن رسوم الأراضي التي تحتسب على الأراضي لا يجوز احتسابها من الزكاة لأنها لم تذهب لأهل الزكاة ومصارف الزكاة الثمانية، وإنما هي رسوم تفرض على المحتكرين، ثم أيضا إن الزكاة عبادة وشريعة تصرف لمصارف معينة وهي تختلف اختلافا كبيرا عن هذه الرسوم، ومما يكثر السؤال عنه من مسائل الزكاة هو زكاة عروض التجارة كيف يزكي هذه العروض؟ فمن كان عنده عروض تجارة كأن يكون عنده محل لبيع سلع إما لبيع خردوات مثلا أو ملابس أو غير ذلك من أمور التجارة فإنه يجرد جميع ما عنده في المحل كأنه يريد أن يصفيه ويبيع ثم يخرج ربع العشر أي اثنين ونصف في المائة، ومما يكثر السؤال عنه هو حكم دفع الزكاة للعمال والخدم والسائقين ونحوهم؟ فيجوز دفع الزكاة إليهم بشروط وهو أن يكونوا مستحقين للزكاة كأن يكونوا فقراء أو مساكين أو غارمين، وألا يربط بين الزكاة وبين العمل بأي وجه من الوجوه، ولا ينوى بإعطاء الزكاة لهذا العامل تحسين العمل أو جودة العمل. 

 

أو نحو ذلك، وألا يلحق هذه الزكاة بمنة ولا أذى فإن بعض الناس يدفع الزكاة للعامل أو الخادمة، ثم بعد حين من الدهر إذا حصلت إساءة من هذا العامل قال ألم أعطك زكاة مالي؟ ألم أفعل كذا؟ وهذا يبطل أجر الزكاة تماما، فالمن والأذى يبطل أجر الصدقات والزكوات، وإذا كان سيمتن على هذا الذي سيعطيه زكاة أو صدقة فلا حاجة لهذه الصدقة، وإن الشريعة الإسلامية تريد منك إذا دفعت زكاة أو صدقة لهذا الفقير أو لهذا المسكين أن تحفظ كرامته، وألا تجرح مشاعره بمنة ولا أذى أما من لم يلتزم بهذا وجرح مشاعر هذا الفقير بمنة أو بأذى أو بأى كلمات نابية إما في الحال أو في المستقبل فإن هذا يبطل الأجر تماما، ومما يكثر السؤال عنه من مسائل الزكاة هو أن بعض الناس يشكل عليه معرفة المستحقين للزكاة؟ والمستحقون للزكاة هم الذين ذكرهم الله تعالى في آية التوبة وأوضح هذه الأقسام الثمانية في مجتمعنا الفقراء والمساكين والغارمين أما الفقراء والمساكين فهم ذو الحاجات لكن الفقراء أشد حاجة من المساكين. 

 

فإن المساكين قد ذكرهم الله تعالى في قصة موسى مع الخضر وأن لهم سفينة يعملون عليها، وضابط الفقير هو المعدم الذي لا يجد شيئا، أو يجد دون نصف الكفاية، والمسكين هو الذي يجد نصف الكفاية أو أكثرها دون تمام الكفاية، والذي لا يجد شيئا هذا واضح أنه فقير، ومن يكون دخله يكفيه إلى أقل من منتصف الشهر فهذا فقير أيضا، أما من كان دخله يكفيه إلى منتصف الشهر فهذا مسكين، ومن كان دخله يكفيه إلى عشرين من الشهر مثلا لكنه لا يكفيه إلى آخر الشهر فهذا مسكين فهؤلاء جميعا مستحقون للزكاة، وأما من كان دخله يكفيه إلى آخر الشهر فهذا مكفي ولا تحل له الزكاة، ومن باب أولى إذا كان يدخر شيئا من دخله فهذا لا تحل له الزكاة، وأما الغارمون فالمقصود بهم المدينون الذين عليهم ديون حالة وهم عاجزون عن سدادها، وأما من عليه ديون مؤجلة أو مقسطة فلا تحل له الزكاة، إنما الذي يعتبر من الغارمين المستحقين للزكاة هو الذي حل عليه الدين وهو عاجز عن سداده بحيث لو أن الدائن رفع فيه شكاية. 

 

لربما سجن بسبب هذا الدين فهذا من الغارمين، وهذا يباح أن يعطى من الزكاة ما يسدد به دينه، ولا بأس أن يسدد الدائن مباشرة لأن بعض المدينين ربما يكون سيئ التدبير، وينبغي العناية بهذا الصنف فكم من إنسان مسجون الآن منقطع عن أطفاله وعن أسرته بسبب ديون ابتلي بها، وينتظر محسنا يأتي ويعيد البسمة لأطفاله يسدد عنه دينه، ويخرج من السجن ويرجع لأسرته وأطفاله فما أعظم أجر من تلمس حاجات هؤلاء وقضى ديونهم فإن أجره عظيم وثوابه جزيل، واحرصوا على العناية بأمر الزكاة، وتحروا أمر المستحقين فإن الزكاة تحتاج إلى مزيد من التحري أكثر من الصدقات لكن قال أهل العلم إن من ظهر من حاله أنه مستحق للزكاة ولم يظهر عليه أثر غنى جاز دفع الزكاة إليه، ولو لم يتيقن الإنسان استحقاقه للزكاة لأن مسألة الفقر والغنى من الأمور التي قد لا تتضح اتضاحا كبيرا، ولو دفع الزكاة لغني ظنه فقير أجزأ، لكن المطلوب أن يجتهد في التحري وفي البحث عن المتعففين الذين لا يسألون الناس إلحافا يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى