مقال

نفحات إيمانية ومع ترجمان القرآن “الجزء الثالث “

نفحات إيمانية ومع ترجمان القرآن “الجزء الثالث ”

 إعداد / محمـــد الدكرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع ترجمان القرآن، ولقد كان من صفاته العقلية هو اشتهاره بعمق الاستنباط واستنتاجه للمعاني العميقة من النصوص، حتى إن عمر بن الخطاب كان يسمّيه غوّاصا، وكان ابن العباس أيضا سريع الفهم قوي الحفظ، وكان فاهما لجميع ما يسمعه من العلماء في مجالسهم، كما عُرف بالذكاء والفطنة رغم أنه عاصر عددا ممن اشتهروا بهما، وقد عُرف ببعد النظر والحكمة وإصابة الرأي في سائر الشؤون، فوافق رأيه رأي الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، في العديد من المواقف، وقد خالف الإمام علي بن أبي طالب، في بعض الأمور ونال إعجاب الخليفة بها، وحين ولاه الإمام علي بن أبى طالب، على الشام رفض ابن العباس الولاية.

 

وأشار عليه بإخبار معاوية بن أبي سفيان بالأمر، وكان ذلك حرصا منه على عدم وقوع أي فتنة بالمسلمين، مما يدل على بُعد نظره في عواقب الأمور، وأما عن الصفات الجسمية لعبد الله بن عباس، فقد وهب الله تعالى ابن عباس بسطةً أى وفرة وزيادة في الجسم، وكمالا في الخَلق، وجمالا شكليا، ومن صفاته الجسدية أنه كان صبيح الوجه، وقال عنه عطاء “ما رأيت البدر إلا ذكرت وجه ابن عباس” ويقصد بصبيح الوجه أي مشرق ووضيء الوجه، وقد نشأ عبد الله بن عباس في عائلة مباركة، فكانت خالته هى أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث، وفي إحدى الليالي التي قضاها في حجرتها صلى خلف النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

 

فأوقفه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بجواره، إلا أن ابن عباس رجع إلى الخلف، وحين فرغ النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، سأله عن سبب ذلك، فأجاب ابن عباس قائلا “وهل يساويك أحد وأنت الرسول الذي بعثك الله تعالى، وأنزل عليك القرآن”، فابتسم النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ودعا له بالخير والبر، وقد أتم ابن العباس حفظ القرآن الكريم قبل أن يتم عشرة سنوات من عمره، وقد عاش عمرا طويلا كريما، وتنقل ما بين مكة المكرمة والمدينة والطائف، وقد شارك في فتح مصر وشمال أفريقيا، وهدى الله تعالى، بسببه آلاف الخوارج بعد عدّة مناظرات أثبت بها الحق، ثم بعثه الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنهما.

 

واليا على البصرة، وكان أول جنديّا في غزو القسطنطينية في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان، وكان ابن عباس يكره الأخذ عن أهل الكتاب في التفسير، وهو ما يُسمى بالإسرائيليات، وينهى الناس عن سؤالهم، ويقول ” كيف تسألون أهل الكتاب عن شئ، وكتابكم الذى أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدث، تقرءونه محضا لم يشب، وقد حدثكم أن أهل الكتاب بدلوا كتاب الله وغيروه،وكتبوا بأيديهم الكتاب، وقالوا هو من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا، ألا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم، لا والله ما رأينا منهم رجلا يسألكم عن الذى أنزل عليكم، وقد حظي ابن عباس بمنزلة عالية ، فهو ابن عم النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ويُعد من أهل البيت.

 

وأحد صغار الصحابة، وقد رأي جبريل عليه السلام مرتين، وقد دعا النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، له بالحكمة مرتين، وأجلسه في حجره ومسح على رأسه ودعا له بالعلم، فدعا له النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بالفقه وفهم تأويل القرآن قائلا ” اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ” ودعا له صلى الله عليه وسلم بعلم القرآن والحكمة أيضا فقال ” اللهم علمه الكتاب، اللهم علمه الحكمة” وقال ابن حجر العسقلاني مُعلقا ” اختلف الشرَّاح في المراد بالحكمة هنا فقيل القرآن كما تقدم، وقيل العمل به، وقيل السنة، وقيل الإصابة في القول، وقيل الخشية، وقيل الفهم عن الله تعالى، وقيل العقل، وقيل ما يشهد العقل بصحته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى