مقال

نفحات إيمانية ومع التخطيط والهجرة النبوية ” الجزء التاسع عشر “

نفحات إيمانية ومع التخطيط والهجرة النبوية ” الجزء التاسع عشر ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء التاسع عشر مع التخطيط والهجرة النبوية، ولقد ضرب لنا النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضى الله عنهم أروع الأمثلة فى حب الوطن، والأدلة كانت واضحة على حب النبى صلى الله عليه وسلم الشديد لبلده ووطنه مكة، كما تدل على شدة حزنه لمفارقته له، إلا أنه اضطر لذلك، فعن ابن عباس رضى الله عنهما قال لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة، قال “أما والله، لأخرج منك، وإنى لأعلم أنك أحب بلاد الله إلى وأكرمها على الله، ولولا أن أهلك أخرجونى ما خرجت” ثم لما انتقل النبى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة دعا ربه عز وجل أن يجعل حبها كحب مكة فقال صلى الله عليه وسلم “اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد، اللهم بارك لنا فى صاعنا وفى مدنا، وصححها لنا” متفق عليه.

 

وإذا تأملنا هجرة النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضى الله عنهم فسنجد أن كلها تضحيات كبيرة من أجل الله عز وجل بداية من النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه المهاجرين الذين خرجوا من ديارهم وأموالهم ووصفهم الله عز وجل بالصدق، وانتهاء بموقف الأنصار الذين استقبلوهم وضحوا بكل ما يملكون فى مواساتهم ونصرتهم، فعن سعيد بن المسيب قال خرج صهيب مهاجرا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعه نفر من المشركين، فنثر كنانته وقال لهم يا معشر قريش، قد تعلمون أنى من أرماكم، والله لا تصلون إلى حتى أرميكم بكل سهم معى، ثم أضربكم بسيفى ما بقى منه فى يدى شيء، فإن كنتم تريدون مالى دللتكم عليه، قالوا فدلنا على مالك ونخلى عنك.

 

فتعاهدوا على ذلك، فدلهم ولحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم “ربح البيع أبا يحيى” فأنزل الله تعالى فيه “ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضاة الله” وتتجلى لنا الصداقة الحقة فى أوضح صورها فى الصديق رضى الله عنه ومواقفه مع النبى صلى الله عليه وسلم سواء فى الهجرة أو غيرها، حتى أنه هو الذى طلب الصحبة من النبى صلى الله عليه وسلم فقال الصحبة يا رسول الله ثم بكى لما وافق النبى صلى الله عليه وسلم، كما تقول السيدة عائشة رضى الله عنها “فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكى من الفرح، حتى رأيت أبا بكر يبكى يومئذ” وعن أنس بن مالك رضى الله عنه أن أبا بكر الصديق رضى الله عنه حدثه قال.

 

“نظرت إلى أقدام المشركين على رءوسنا ونحن فى الغار، فقلت يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه، فقال “يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما” متفق عليه، وكذلك تبرز قيمة الأمانة فى الهجرة المباركة، حيث أمر النبى صلى الله عليه وسلم على بن أبى طالب رضى الله عنه بتأدية الأمانات التى كانت عند النبى صلى الله عليه وسلم إلى أهلها حتى وإن عادوه وأخرجوه، حيث قال النبى صلى الله عليه وسلم “أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك” رواه الترمذى، وليست الأمانة مقصورة على ذلك فقط فالهجرة فى مجملها كانت تأدية لأمانة الدعوة ونشر الدين وغير ذلك من الأمانات الواجبة، وقد أوضحت لنا الهجرة قيمة الصدق فى أكثر من موقف.

 

حيث ضرب النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضى الله عنهم أروع الأمثلة فى الصدق فكانوا صادقين فى التضحية بكل شيء فى سبيل الله عز وجل، فقال تعالى “للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون” وقد أبرزت لنا الهجرة المباركة العديد من المواقف التى تعبر عن الشجاعة من ذلك موقف الإمام على بن أبى طالب رضى الله عنه لما قال له النبى صلى الله عليه وسلم “نم على فراشى وتسج ببردى هذا الحضرمى الأخضر، فنم فيه فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم” وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام فى برده ذلك إذا نام، وكذلك أتضح لنا من الهجرة المباركة موقف الشهامة، وهو من القيم المهمة عند العرب قبل الإسلام وبعده.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى