مقال

نفحات إيمانية ومع الرسول الكريم فى الشِعب ” الجزء الثامن “

نفحات إيمانية ومع الرسول الكريم فى الشِعب ” الجزء الثامن ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثامن مع الرسول الكريم فى الشِعب، وقد استمرت محاولات بعض رجالات قريش في فك الحصار عن بني هاشم، ومنها ما قاله زهير بن أبي أمية يا أهل مكة أنأكل الطعام، ونلبس الثياب، وبنو هاشم هلكى، لا يباعون ولا يبتاع منهم، والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة، وبعد مضي ثلاثة أعوام من الحصار الآثم، نزل الوحي من الله على النبي صلى الله عليه وسلم يخبره بأن الصحيفة قد سلط عليها دويبة ضعيفة فأكلت ورقتها إلا ما كان فيها من ذكر الله، فلما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عمه أبو طالب بذلك، انطلق إلى قريش يخبرهم بأمر الصحيفة وأن الأرضة قد أكلتها إلا اسم الله، ثم ساومهم على الخبر.

 

فقال إن كان كلام ابن أخي حقا فانتهوا عن قطيعتنا، وإن يك كاذبا دفعته إليكم، فقالوا قد أنصفتنا، ومشوا إلى جوف الكعبة فوجدوا الصحيفة قد أكلتها الأرض ولم يبقى إلا اسم الله عليها، وفي السنة العاشرة من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم خرج بنو هاشم من الشعب، وقد قال ابن القيم في زاد المعاد، لما رأت قريش أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلو والأمور تتزايد أجمعوا أن يتعاقدوا على بني هاشم وبني المطلب وبني عبد مناف ألا يبايعوهم ولا يناكحوهم ولا يكلموهم ولا يجالسوهم حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكتبوا بذلك صحيفة وعلقوها في سقف الكعبة، فانحازت بنو هاشم وبنو المطلب مؤمنهم وكافرهم إلا أبا لهب.

 

فإنه ظاهر قريشا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبني هاشم وبني المطلب، وحبس رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه في شعب أبي طالب ليلة هلال المحرم سنة سبع من البعثة، وبقوا محصورين مضيقا عليهم جدا مقطوعا عنهم الميرة والمادة نحو ثلاث سنين حتى بلغ بهم الجهد، ثم أطلع الله رسوله صلى الله عليه وسلم على أمر صحيفتهم وأنه أرسل إليها الأرضة فأكلت جميع ما فيها من جور وقطيعة وظلم؛ إلا ذكر الله عز وجل، فأخبر بذلك عمه فخرج إليهم فأخبرهم أن ابن أخيه قال كذا وكذا، فإن كان كاذبا خلينا بينكم وبينه، وإن كان صادقا رجعتم عن ظلمنا، قالوا أنصفت، فأنزلوا الصحيفة فلما رأوا الأمر كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ازدادوا كفرا وعنادا.

 

وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من الشعب، وذلك سنة عشر من بعثته صلى الله عليه وسلم كما ذكر ذلك غير واحد من أهل السير، ويذكر أهل السير أنه بعد هذه الحادثة تعاقد نفر من عقلاء قريش على نقض هذه الصحيفة وسعوا في ذلك حتى حصل، وهؤلاء النفر هم هشام بن عمرو من بني عامر بن لؤي، وزهير بن أبي أمية المخزومي، وأبو البختري بن هشام، وزمعة بن الأسود، والمطعم بن عدي، وعن عقيل عن بن شهاب قال أخبرني عروة بن الزبير أن السيدة عائشة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم قالت لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفي النهار بكرة وعشية ثم بدا لأبي بكر.

 

فابتنى مسجدا بفناء داره فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن فيقف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون منه وينظرون إليه وكان أبو بكر رجلا بكاء لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين، وعن عروة بن الزبير أن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلمن طرفي النهار بكرة وعشية فلما ابتلي المسلمون خرج أبو بكر مهاجرا قبل الحبشة حتى إذا بلغ برك الغماد لقيه بن الدغنة وهو سيد القارة فقال أين تريد يا أبا بكر فقال أبو بكر أخرجني قومي فأنا أريد أن أسيح في الأرض فأعبد ربي قال ابن الدغنة إن مثلك لا يخرج ولا يخرج.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى