مقال

نفحات إيمانية ومع ما بين الوفاء والخيانة “الجزء الثالث”

نفحات إيمانية ومع ما بين الوفاء والخيانة “الجزء الثالث”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث ومع ما بين الوفاء والخيانة، فأين المسلمون اليوم من الصحابة الكرام رضي الله عنهم؟ فما أحوجنا إلى تاجر وَفيّ، وصانع وفيّ، ومعلم وفيّ، ومسؤول وفيّ، كي ترجع لنا مكانتنا بين الأمم، وكي يعود لنا عزنا وشرفنا، فنحن نعاهد الناس، ونلتزم بأمر الله الذي يقول لنا ولرسوله صلى الله عليه وسلم فى سورة الأنفال ” وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين” وقد أثبت تاريخنا هذه الحقيقة، بينما جُبلت القوى المعادية للإسلام على خيانة العهود، واعتبارها مرحلية، ولقد أخضعت الجيوش الإسلامية أقواما مختلفة منحها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم الأمان، وأبقى على ملكيتها لخيراتها، لقاء تعويض مادي أو مالي متفاوت.

 

في أهميته، وذلك مثل قبيلة خيبر، وسكان البحرين من المجوس واليهود الذين اعتنق أميرهم الإسلام، وسكان شمالي الجزيرة العربية من النصارى في دومة وأيلة، ومن اليهود في أبروح ومكوع، وغير ذلك، كما عقد النبى صلى الله عليه وسلم مع رهبان دير سانت كاترين في سيناء ميثاقا يمنحهم بموجبه حرية كبيرة، وأيضا كما يقول بوازار عقد النبي محمد صلى الله عليه وسلم اتفاقا مع نصارى نجران، اعتبره فقهاء المسلمين نموذجا للتنظيمات الصالحة للتطبيق على الخاضعين للإسلام، ولقد أصدر النبي صلى الله عليه وسلم لدى زيارة أحد الوفود قرارا يتعهد فيه بحماية سكان مدينتهم وجوارها، وتأمينهم على نفوسهم وممتلكاتهم، وضمان حريتهم في التمسك بعقيدتهم وعبادتهم.

 

وقد شملت الحماية والضمان جميع السكان، في حين ظلت مسؤولية الانتهاكات مسؤولية فردية يؤاخذ عليها المجرم وحده، فلا يؤخذ عليها أي معاهد بجريرة آخر، فضلا عن أن يؤخذ قوم بجريرة أفراد مغرضين كما يفعل النظام العالمي الجديد، وكانت هناك أحكام خاصة تمنع تدخل المسلمين في النظام الكهنوتي النصراني، وتحظر الإساءة إلى أهل الذمة، وتحظر كل شكل من أشكال الاضطهاد، وهذا الاعتراف لا نقوله نحن، وإنما يقوله الكاتب مارسيل بوازار، في كتابه “إنسانيات الإسلام” ويؤكد التاريخ أن المسلمين لم ينكثوا عهدا، ولم يخلوا بالتزام التزموه إلا بعد أن غدر أعداؤهم، ولم يمكروا بالناس ليستعمروهم ويستولوا على خيراتهم تحت شعارات كذوب.

 

وكيف يقع هذا من مسلم والإسلام يرفض اجتماع الإيمان مع الكذب، وهو يعلم المسلمين أيضا بقوله تعالى فى سورة فاطر “ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله” وفي المقابل كم كذب أعداؤنا وكم مكر أعداؤنا وكم اخترعوا من طرائق وخرائط للسلام، وكلها مكر وأوهام، بينما كنا نحن دائما ملتزمين بعهودنا، مطبقين لشرع ربنا تعالى الذي يأمرنا في كتابه الكريم بقوله عز وجل “وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا” فهذه عهودنا، دين، وحضارة، وقيم نبيلة، وتلك عهودهم، مكر، وخداع، وأهداف تبرر كل وسيلة، وهكذا يكون الوفاء بالعهد، وهكذا يكون الوفاء بالوعد، أما الوفاء بالعهد فهو أن يعطي المسلمون عهدا فيه التزام.

 

وضمان لغيرهم، فيلتزموا بما عاهدوا، ونقيضه يسمى الغدر، أما الوفاء بالوعد، فهو أن يلتزم المسلم بما يعد فيؤديه، وهذا غالبا يكون في التعامل اليومي بين المسلمين، ونقيضه يسمى الخلف، وقد ورد في مختار الصحاح أن العهد هو الأمان، واليمين، والموثق، والذمة، والحفاظ، والوصية، وزاد في القاموس المحيط، والضمان والوفاء، وقد أمر الله سبحانه وتعالى المسلمين بالوفاء بالعهد، وأثابهم على ذلك، كما هددهم إذا أخلوا بما عاهدوا أو غدروا، وقد ورد في ذلك آيات كثيرة، وعندما أمر الله نبيه بإعلان البراءة من المشركين، ومنعهم من دخول مكة، جعل لمن لهم عهد عند المسلمين فسحة كافية ليبلغوا مأمنهم وذلك مراعاة من الله تعالى للعهود، فأعطاهم أربعة أشهر مهلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى