مقال

نفحات إيمانية ومع عليكم بشرع الله عز وجل ” الجزء الرابع “

نفحات إيمانية ومع عليكم بشرع الله عز وجل ” الجزء الرابع ”

إعداد / محمــــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع عليكم بشرع الله عز وجل، وإن الذى يملك حق التحليل والتحريم في هذا الكون هو الذي خلقه، وهو الله وحده لا شريك له، وليس ذلك لأحد من البشر، لا فرد، ولا طبقة، ولا أمة ولا سلطة، وكل جهة أخرى تحلل أو تحرم شيئا في حياة البشر فإنما تصدر أحكاما باطلة بطلانا أصليا، فليس لأحد غير الله أن يحلل أو يحرم في طعام أو شراب أو نكاح، ولا في لباس، ولا في حركة، ولا في عمل، ولا في عقد، إلا أن يستمد سلطانه من الله حسب شريعة الله عز وجل، وكل ما يشرعه البشر للبشر بغير سلطان من الله فهو من حكم الجاهلية، وهو اعتداء على حق الله في خلقه، ومن ثم فهو باطل بطلانا أصليا، فما أعظم جرم هؤلاء.

 

الذين يشرعون للناس من دون الله تعالى فيقول سبحانه كما جاء فى سورة الشورى ” أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ولولا كلمة الفصل لقضى بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم ” فإن الإسلام دين العدل والرحمة والعمل، لا يغفل حاجة من حاجات الفطرة البشرية، ولا يكبت كذلك طاقة بناءة من طاقات الإنسان تعمل عملا نافعا سويا، ومن ثم حارب الرهبانية، لأنها كبت للفطرة، وتعطيل للطاقة، وتعويق عن إنماء الحياة التي أراد الله تعالى لها النماء، كما نهى سبحانة عن تحريم الطيبات كلها لأنها من عوامل بناء الحياة ونموها، وتحقيق مراد الله عز وجل في الحياة، وإن الحلال كله طيب، والحرام كله خبيث، فلا يستويان أبدا، فقال تعالى كما جاء فى سورة المائدة.

 

” قل لا يستوى الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولى الألباب لعلكم تفلحون” وإذا كانت كثرة الخبيث تغر وتعجب ففي الطيب متاع بلا معقبات من ندم أو تلف، وبلا عواقب من ألم أو مرض، وما في الخبيث من لذة إلا وفي الطيب مثلها، بل أحسن منها على اعتدال وأمن من العاقبة في الدنيا والآخرة، فكل ما أحله الله تعالى فهو الطيب، وكل ما حرمه فهو الخبيث، وليس للإنسان أن يختار لنفسه غير ما اختاره الله تعالى له لأمرين، أحدهما هو أن التحليل والتحريم من خصائص الله الرازق، فمن اختار لنفسه غير ما اختار الله فهو الاعتداء الذى لا يحبه الله عز وجل، ولا يستقيم معه إيمان، والثاني وهو أن الله تعالى يحل الطيبات.

 

فلا يحرم أحد على نفسه تلك الطيبات التي بها صلاحه وصلاح حياته، فإن بصره بنفسه، وبصره بالحياة لن يبلغ بصر الحكيم الخبير الذي أحل هذه الطيبات، فالإسلام عقيدة وشريعة ومنهج حياة، تظهر آثار الإيمان بالله الواحد في العبادات التي بين العبد وربه، وفي المعاملات التي بين العبد وغيره، فكل ما جاء به الإسلام فنحن مأمورون باتباعه وعدم الخروج عنه كما قال سبحانه وتعالى كما جاء فى سورة الأنعام ” وأن هذا صراطى مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون” ولا شك أن الإيمان بالله يقتضي فعل جميع أوامر الدين، واجتناب نواهيه، ومن عمل ببعض أوامره، وترك البعض الآخر.

 

فما أجدره بالخزي في الدنيا، والعذاب الشديد على جرمه في الآخرة كما قال الله سبحانه وتعالى كما جاء فى سورة البقرة ” أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض، فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزى فى الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون” ولا يفعل ذلك إلا من زهد فى الدين فأخذ ما يروق له، وترك ما لا تحب نفسه، واشترى الحياة الدنيا بالآخرة كما قال الله سبحانه وتعالى كما جاء فى سورة البقرة ” أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون” وإنه لمن المؤسف حقا أن كثيرا من المتحمسين لهذا الدين ضلوا الطريق، فجعلوا قضية الحكم بغير ما أنزل الله في شؤون الحياة قضية منفصلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى