مقال

نفحات إيمانية ومع الإنسان ما بين الزواج والطلاق ” جزء 3 “

نفحات إيمانية ومع الإنسان ما بين الزواج والطلاق ” جزء 3 ”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع الإنسان ما بين الزواج والطلاق، وقد قال كثير من أهل العلم عنه لا تقبل شهادته، ولا تصح إمامته، ولا ولايته، ولا جميع أفعاله وتصرفاته التي يشترط لها العدالة، لأنه لم يعد عدلا، صار فاسقا من تكرار رده للأكفاء الذين يتقدمون لمن ولاه الله تعالى أمرها، فيكون فاسقا بذلك تسقط عدالته وشهادته، وإذا مُنع أبناؤنا من التزوج ببناتنا فبمن يتزوجون؟ هل يذهب الناس إلى الخارج، إلى أقاصي الأرض ليتزوجوا وقد يتزوج امرأة كافرة مجهولة النسب سيئة الدين، ثم يقع بعد ذلك من الإشكالات ما يقع، هؤلاء الأولياء الظلمة الذين لا يرحمون من تحت أيديهم ممن ولاهم الله أمورهن من النساء الضعيفات، ويجعلون من المهر طريقا للكسب الحرام.

 

وأكل المال بالباطل فإذا جاءهم الكفء في دينه وخلقه، ولم يكن عنده ما يرضي طمعهم وجشعهم فكروا وقدروا فقالوا البنت صغيرة، البنت تريد إكمال الدراسة، شاورتها فأبت، وهو كذاب ما شاورها ولا أبت، وسيحاسبون يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وإن بعض هؤلاء الظلمة يشترط لنفسه مالا غير مهر ابنته، فيقول أريد لي كذا، ولزوجتي أم البنت كذا، ومهر البنت كذا، ظلما لا حق لهم به، يأكلون سحتا وحراما لأن الله لم يجعل غير المهر للبنت، ولم يجعل من المهر شيئا للأب إلا برضا ابنته، ويقول بعض هؤلاء الظلمة، كيف يجترئ فلان أصلا أن يتقدم إلينا؟ هو لا يزوجه ولو كان كفأ، ولكن بالإضافة إلى ذلك يقول كيف يجترئ أن يتقدم إلينا؟

 

كيف يجترئ هذا الوضيع أن يطلب ابنتنا؟ كيف كانت له عين أن يطرق بابنا وهكذا، ثم بعد ذلك قد يزوجها حسيبا غنيا بزعمه، لكنه لا يصلي، ومن أرباب سفريات الفسق والفجور، فخان الأمانة التي ولاه إياها فحسبه عذاب الله يوم القيامة، فإن النكاح هو الأسلوب الأمثل للحفاظ على النوع الإنساني، وقد خلقه الله تعالى لاستمرار الحياة البشرية، فجعل اتصال الرجل بالمرأة اتصالا كريما مبنيا على طلبه ورضاها، وعلى إشهاد أن كلا منهما أصبح للآخر، وبهذا وضع للغريزة سبيلها المأمونة، وحمى النسل من الضياع، وصان المرأة عن أن تكون كلأ مباحا لكل راتع، ووضع نواة الأسرة التي تحوطها غريزة الأمومة، وترعاها عاطفة الأبوة، فتنبت نباتا حسنا.

 

وتثمر ثمارها اليانعة، وهذا النظام هو الذي ارتضاه الله تعالى، وأبقى عليه الإسلام، وهدم كل ما عداه، وقد قالت السيدة عائشة رضي الله عنها “كان النكاح في الجاهلية على أربعة أنحاء”وهم نكاح الناس اليوم، وهو أن يخطب الرجل إلى الرجل وليته، أو ابنته، فيصدقها، ثم ينكحها، ونكاح آخر، فكان الرجل يقول لامرأته إذا طهُرت من طمثها، أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه، ويعتزلها زوجها حتى يتبيّن حملها، فإذا تبيّن، أصابها إذا أحب، وإنما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد، ويُسمّى هذا نكاح الاستبضاع، وهناك نكاح آخر، وهو أن يجتمع الرهط على المرأة، فيدخلون عليها، كلهم يصيبها، فإذا حملت ووضعت ومرّ عليها ليالى، أرسلت إليهم، فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع.

 

حتى يجتمعوا عندها فتقول لهم قد عرفتم ما كان من أمركم، وقد ولدت، فهو ابنك يا فلان، وتسمّي من أحبت باسمه، فيلحق به ولدها، لا يستطيع أن يمتنع منه الرجل، وأنه كان هناك نكاح رابع، وهو أن يجتمع ناس كثير، فيدخلون على المرأة، لا تمتنع ممن جاءها وهن البغايا، وينصبن على أبوابهن رايات تكون علما، فمن أرادهن دخل عليهن، فإذا حملت إحداهن ووضعت، جمعوا لها ودعوا لها القافة، ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون، فالتاط به، ودُعي ابنه لا يمتنع من ذلك، فلما بُعث بالنبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بالحق، هدم نكاح الجاهلية كله إلا نكاح الناس اليوم” وإن الزواج كما شرعه الإسلام سنة دينية، ومأرب نفسي، وضرورة اجتماعية، يتوقف عليها بقاء النوع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى