مقال

نفحات إيمانية ومع النبى مربيا ومعلما ” 5″ 

نفحات إيمانية ومع النبى مربيا ومعلما ” 5″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع النبى مربيا ومعلما، فانظر كيف تعامل النبى صلى الله عليه وسلم مع عالم الحيوان والجماد مراعيا المشاعر الإنسانية بل أمر بجذع النخلة أن يدفن تكريما له كبني الإنسان، لذلك كان الحسن إذا حدث بهذا الحديث بكى ثم قال يا عباد الله الخشبة تحن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شوقا إليه لمكانه من الله عز وجل، فأنتم أحق أن تشتاقوا إلى لقائه، فإن صور ونماذج إنسانية الرسول الرحيم الكريم صلى الله عليه وسلم كثيرة يعجز القلم عن تسطيرها فهى إنسانية جامعة شاملة لكل أطياف وأصناف العوالم البشرية وغير البشرية، الذكر والأنثى الصغير والكبير، المسلم وغير المسلم، الصاحب والعدو، القريب والغريب.

 

المطيع والعاصي، السلمي والحربي، الحيوان والجماد، فيجب علينا جميعا أن نتأسى به في إنسانيته وحلمه وعفوه وحسن أخلاقه فهذا هو أجمل وأسمى احتفال واحتفاء بذكرى ميلاده صلى الله عليه وسلم إذا كنا نريد الله ورسوله والدار الآخرة، وإن من وسائل إحياء المشاعر الإنسانية في واقعنا المعاصر هو بقراءة كتاب الله عز وجل، فمن أعظم الأسباب التي تعين على إحياء المشاعر الإنسانية وتيسر للإنسان طريقها قراءة كتاب الله جل جلاله، فقال العلماء إن الرحمة والإنسانية لا تدخل إلى قلب قاسى، والقلوب لا تلين إلا بكلام الله، ولا تنكسر إلا بوعد الله ووعيده وتخويفه وتهديده، فمن أكثر تلاوة القرآن، وأكثر من تدبر القرآن كسر الله قلبه ودخلت فيه الرحمة والإنسانية.

 

وهذا هو السر في إجابة السيدة عائشة رضى الله عنها حينما سئلت عن أخلاقه صلى الله عليه وسلم فقالت كان خلقه القرآن،أي يتخلق بأخلاقه ويتأدب بآدابه، ويجب كذلك أن تتذكر شهادة الناس لك عند موتك بحسن خلقك وإنسانيتك مع الجميع، فهذه رسالة لكل فرد من أفراد المجتمع أن يحسن خلقه ومعاملته وإنسانيته مع أهله وجيرانه وأحبابه وأصدقائه وبني جنسه ليشهدوا له بصلاحه وتقواه في وقت هو أحوج إلى جنة ومغفرة مولاه، وقد تواترت الأدلة من السنة التي تدل على أن شهادة الناس لك بالخير والإنسانية وحسن الخلق طريق إلى الجنة والعكس، وليعلم كل منا أن ذلك بالعمل وليس بالوصية، فلا تنفعك وصيتك للناس ليشهدوا لك بصلاحك عند وفاتك.

 

كشهادة اثنين من الموظفين لك بحسن سيرك وسلوكك لتتسلم عملك، ولكن ما جنيته طوال عمرك من أخلاق وإنسانية ومعاملة ستحصده عند وفاتك، وهذا يحتاج إلى وقت طويل ليترك أثرا أطول، كما قال حكيم السيرة الحسنة كشجرة الزيتون لا تنمو سريعا ولكنها تعيش طويلا، لأنك تموت بجسدك وروحك وتظل ذكراك باقية، وأثرك يدر لك حسنات، وقد قال الإمام الشافعي رضي الله عنه، قد مات قوم وما ماتت فضائلهم، وعاش قوم وهم في الناس أموات، فانظر إلى نفسك هل أفدتها؟ هل أفدت مجتمعك؟ وهل تركت أثرا صالحا تذكر به؟ وهل تركت سيرة حسنة بين الناس تذكر بها عند موتك؟ فلنسارع جميعا قبل أن نندم ولا ينفع الندم.

 

وكذلك يجب علينا مطالعة سيرة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح، فسيرته صلى الله عليه وسلم مملوءة بالمشاعر الإنسانية الفياضة الجياشة فلندرسها ولنتخذها منهج حياة وكذلك قراءة سيرة السلف الصالح، والأئمة المهديين من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، والوقوف على ما كانوا عليه من الأخلاق الجميلة والآداب الكريمة، فإن كل ذلك يحرك القلوب إلى المشاعر الإنسانية العظيمة الجياشة نحو الآخرين ويجعل فيها شوقا إلى الإحسان إلى الناس، وتفريج كرباتهم، وقل أن تجلس في مجلس فيذكر فيه كريم بكرمه، أو يذكر المحسن فيه بإحسانه إلا خشع قلبك، ويقول ابن الجوزي رحمه الله، فالله الله وعليكم بملاحظة سير السلف، ومطالعة تصانيفهم وأخبارهم، فالاستكثار من مطالعة كتبهم رؤية لهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى