مقال

نفحات إيمانية ومع محمد رسول الرحمة والإنسانية “جزء 3” 

نفحات إيمانية ومع محمد رسول الرحمة والإنسانية “جزء 3”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع رسول الرحمة والإنسانية، ودخل النبي صلى الله عليه وسلم ذات مرة بستانا لرجل من الأنصار، فإذا فيه جمل، فلما رأى الجمل النبي صلى الله عليه وسلم ذرفت عيناه، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح عليه حتى سكن، فقال “لمن هذا الجمل؟” فجاء فتى من الأنصار فقال لي يا رسول الله ، فقال له “أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها فإنه شكا لي أنك تجيعه وتتعبه” رواه أبو داوود، وكذلك أيضا لم تقتصر رحمته صلى الله عليه وسلم على الحيوانات، بل تعدت ذلك إلى الرحمة بالجمادات، وقد روت لنا كتب السير حادثة عجيبة تدل على رحمته وشفقته بالجمادات، وهي حادثة حنين الجذع .

 

فإنه لما شق على النبي صلى الله عليه وسلم طول القيام، استند إلى جذع بجانب المنبر، فكان إذا خطب الناس اتكأ عليه ، ثم ما لبث أن صُنع له منبر، فتحول إليه وترك ذلك الجذع، فحن الجذع إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى سمع الصحابة منه صوتا كصوت البعير، فأسرع إليه النبي صلى الله عليه وسلم فاحتضنه حتى سكن، ثم التفت إلى أصحابه فقال لهم “لو لم أحتضنه لحنّ إلى يوم القيامة” رواه أحمد، وكان النبى صلى الله عليه وسلم، يهتم بشأن الضعفاء، ويأمر بحُسن معاملتهم، وأوصى بهم وبأداء حقوقهم، فقال صلى الله عليه وسلم وهو يوصي الناس بالخدم الذين يعملون عندهم ” إن إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل.

 

وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم” ولقد كان النبى صلى الله عليه وسلم أرأف الناس بأهله وأزواجه وبناته، فكان عندما تأتي فاطمة رضي الله عنها إليه يقبلها ويجلسها في مكانه، وكان إذا أرادت أم المؤمنين السيدة صفية رضي الله عنها أن تركب على البعير، يجلس فيرفع لها ركبته لتصعد عليها وتركب البعير، وقد أكثر من الوصية بالنساء والبنات، فقال عليه الصلاة والسلام “ألا واستوصوا بالنساء خيرا، فإنما هن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة” ولقد كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يعامل جنوده كنفسه، ولا يعاتبهم أو يعاقبهم على أخطائهم في الحرب.

 

ومن ذلك رحمته بالصحابة رضي الله عنهم في غزوة أحد، وعدم محاكمتهم لأخطائهم في مخالفتهم لأوامره، أما رحمته بالشُهداء فقد تمثلت في دفنهم دون إرسالهم إلى أهلهم، حتى لا يتألموا على رؤيتهم، وكان يأمر الأهل الذين يأخذون شهداءهم أن يردوهم إلى أماكنهم حتى يدرك الناس فضلهم، ولتخفيف المصاب والحزن على أهاليهم، وكان صلى الله عليه وسلم يأمر بفك الأسير، وبيّن أن الرحمة بالأسير وفك أسره من أسباب دخول الجنة، وترجم ذلك عمليا في أسرى بدر عندما استشار الصحابة، رضي الله عنهم في شأن الأسرى، فأخذ برأي أبي بكر، رضي الله عنه، وذلك بأخذ الفدية منهم وتركهم، لما رأى في ذلك من الرحمة والرأفة بهم، وراعى حال الأسرى المادية.

 

فمن لم يكن معه مال، افتداه النبي صلى الله عليه وسلم، وبعضهم من أطلق سراحه بلا فداء، ولقد وضع النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين مجموعة من القواعد والضوابط في الجهاد التي لا يجوز لأحد أن يتعداها، كالنهي عن التمثيل في جسد الأعداء، والنهي عن قتل النساء، والأطفال، وكبار السن، والمرضى، وتجاوزت هذه الرحمة حتى الجماد، فنهى النبي عليه الصلاة والسلام عن قتل الحيوان، أو حرق الأشجار، فقد قال الله تعالى ” ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين” ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بزيارة المرضى، والشفقة عليهم، والعناية بهم، وإدخال الفرح على قلوبهم، وجاءت الكثير من الأحاديث النبوية التي تحث على ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى