مقال

المرافق العامه بين تعظيم النفع ومخاطر التعدى “جزء7”

المرافق العامه بين تعظيم النفع ومخاطر التعدى “جزء7”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السابع مع المرافق العامه بين تعظيم النفع ومخاطر التعدى، فكثيرا ما نسأل بعضنا عن أشياء من متاع الحياة الدنيا، وتجدنا نهتم ونحرص على ذلك مهما كلفنا من وقت، بينما نهمل جانبا عظيما وصى النبي صلى الله عليه وسلم به عمه وعلمه دعاء عظيما، ولا يوصي إلا بعظيم فعن أبي الفضل العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال‏‏ قلت يا رسول الله،‏ علمني شيئا أسأله الله تعالى قال‏ ” ‏سلوا الله العافية”‏ فمكثت أياما، ثم جئت فقلت‏ يا رسول الله،‏ علمني شيئا أسأله الله تعالى قال لي‏ ” يا عباس يا عم رسول الله، سلوا الله العافية في الدنيا والآخرة” ‏رواه الترمذي، ولنعي قول ابن القيم رحمه الله عن الشكر، فيقول “وشكر العبد يدور على ثلاثة أركان لا يكون شكورا.

 

إلا بمجموعها أحدها اعترافه بنعمة الله عليه، والثاني الثناء عليه بها، والثالث الاستعانة بها على مرضاته” ومتى ما أراد الإنسان أن يعرف قدر نعمِ الله عليه، فلينظر إلى من هم حوله من المرضى والمبتلين، الذين أخذت منهم نعمة لخير لهم في الدنيا والآخرة، وعندها سيعرف الإنسان فضل الله ونعمه عليه، فكن ممن يصرفون نعمة الصحة والعافية في طاعة الله قبل أن يأتيك يوم يفاجئك المرض، ثم لا تستطيع كما كنت صحيحا معافا، لذلك عليك أن تغتنم عافيتك وصحتك فيما ينفعك فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم “نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ”‏ رواه البخاري، وقال صلى الله عليه وسلم “اغتنم خمسا قبل خمس”

 

وذكر منها “صحتَك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك” وقال وهب بن منبه “رؤوس النعم ثلاثة فأولها نعمة الإسلام التي لا تتم نعمه إلا بها، والثانية نعمة العافية التي لا تطيب الحياة إلا بها، والثالثة نعمة الغنى التي لا يتم العيش إلا به” وكن من القلة الذين وصفهم الله سبحانه بقوله تعالى فى سورة سبأ “وقليل من عبادى الشكور” وذكر الإمام أحمد رحمه الله، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه سمع رجلا يقول اللهم اجعلني من الأقلين، فقال ما هذا؟ فقال يا أمير المؤمنين، إن الله قال فى سورة هود ” وما آمن معه إلا قليل” وقال تعالى فى سورة سبأ ” وقليل من عبادى الشكور” وقال تعالى فى سورة ص “وقليل ماهم” فقال عمر صدقت” رواه أحمد.

 

فاتقوا الله تعالى الذي خلقكم، ورزقكم، وعافاكم، وأنعم عليكم بالنعم الظاهرة والباطنة، وأولاكم، فإن المؤمن لا يزال في نعمة الله إن أصابته ضراء صبر، فكان خيرا له، وإن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وعليكم بالقناعة فإنها كنز لا ينفد، وذخر لا يفنى، فهي غنى بلا مال، وعز بلا جنود ولا رجال، فالقناعة أن يرضى الإنسان بما قدر الله له، وأن ينظر إلى من هو أدنى منه في العافية والمال والأهل، فإن ذلك أقرب إلى معرفة النعمة وشكرها، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم في هذه الأشياء، فإن ذلك يؤدي إلى القلق وكفران النعماء، فالمعافى في بدنه أو ماله أو أهله ينظر إلى من ابتلي بشيء منها ليعرف قدر نعمة الله عليه، وإذا كان هو مبتلى بشيء من ذلك.

 

فلينظر إلى من هو أعظم ابتلاء منه، فإنه ما من مصيبة تصيب العبد إلا وفي الوجود ما هو أعظم منها فإذا كان غنيا، فلينظر إلى الفقير، وإذا كان فقيرا، فلينظر إلى من هو أفقر منه مما لا يملك الفتيل، ولا القطمير، ومهما أصيب المؤمن في شيء من دنياه، فإن ذلك ليس بشيء عند سلامة دينه الذي هو عصمة أمره في دنياه وأخراه، فدين الإسلام، ولله الحمد، هو الكسب الذي نعتز به، ونفاخر، وهو الذخر الذي نعده لليوم الآخر، الدين هو التجارة التي تنجي من العذاب الأليم، وتقرب العبد إلى المولى الرحيم، فيا أيها المبتلى اصبر على البلوى، واذكر من هو أعظم منك وأكثر، ضررا، ثم انظر إلى ما أنعم الله به عليك من الإيمان، واستعن به على مقاومة المصائب بالصبر، ومقابلة النعم بالشكران.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى