مقال

نفحات إيمانية ومع ركائز الأمن المجتمعى ” جزء 10″

نفحات إيمانية ومع ركائز الأمن المجتمعى ” جزء 10″

بقلم / محمــــد الدكـــــرورى

 

ونكمل الجزء العاشر مع ركائز الأمن المجتمعى، وأن السعي بالصلح بين الناس من افضل العبادات وأحسن القربات التي يتقرب بها الإنسان المسلم إلى الله عز وجل، لذلك خص الله المصلحين بجميل الثناء ووعدهم كريم الجزاء، وأي جزاء وأغلى من جنة الرضوان، وبيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أفضل الصدقات الإصلاح بين الناس، فعن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة قالوا بلى يا رسول الله قال إصلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة” رواه احمد، فبين صلى الله عليه وسلم أن درجة المصلح بين الناس أفضل من درجة الصائمين والمصلين والمتصدقين.

 

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أفضل الصدقة إصلاح ذات البين” رواه الطبراني، وعن أنس بن مالك أن النبي صلي الله عليه وسلم قال لأبي أيوب “ألا أدلك علي تجارة قال بلى، قال “تسعي في صلح بين الناس إذا تفاسدوا وتقارب بينهم إذا تباعدوا” رواه البزار، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “ما عُمل شيء أفضل من الصلاة، وصلاح ذات البين، وخُلق جائز بين المسلمين” رواه البخاري، والإمام الأوزاعي رحمه الله يقول “ما خطوة أحب إلى الله عز وجل من خطوة في إصلاح ذات البين” وما من شك في أن المصالحة والتناصر والتآزر ستؤتي أكلها وتحقق ثمارها.

 

في حماية المجتمع المسلم من دواعي الفشل في تحقيق ما يصبو اليه ويسعى لتحقيقه من امن وتقدم وازدهار، وإن اقتصاد أي بلد هو معيار تقدمه وازدهاره واستقراره وأحد مكونات الأمن في المجتمع فعندما يكون الناس متعاونين فيما بينهم لبناء اقتصاد مزدهر تنتعش مفاصل المجتمع ويستتب فيها الأمن فلاتجد من يسلب الآخرين حقوقهم ولاتجد من يحاول أن يستغني على حساب المجتمع، بل تجد الجميع بحركة متصاعدة نحو بناء الإقتصاد سواء كان في مجال الزراعة أو الصناعة أو التجارة أو الخدمات، فعندما يكون المجتمع متكاتفا روحا وجسدا تجد كل عضو فيه وهو يكمل عمل العضو الآخر، فالمزارع يزرع في الحقل والتاجر يأخذ محصوله إلى المصنع.

 

والعامل يصنع ماتنتجه الأرض وما ينتجه المزارع وهكذا تستمر الحلقة الاقتصادية بصورة مرتبة ودقيقة حاملة معها المجتمع إلى الرقي والاستقرار والأمن وقد حظي التعاون الاقتصادي باهتمام بالغ من قبل النظام الإسلامي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن أطيب الكسب كسب التجار الذين إذا حدثوا لم يكذبوا وإذا ائتمنوا لم يخونوا وإذا وعدوا لم يخلفوا وإذا اشتروا لم يذموا وإذا باعوا لم يطروا، وإذا كان عليهم لم يمطلوا وإذا كان اليهم لم يعسروا” وقال الإمام علي بن أبي طالب رضى الله عنه “أفضل السخاء أن تكون لمالك متبرعا وعن مال غيرك متورعا” وإن السعي في قضاء حوائج الناس هو جزء من التعاون الاقتصادي الذي بوجوده ينتعش المجتمع.

 

لأن وجود إنسان محتاج سيكون عالة على الاقتصاد وسيؤدي إلى انهيار الحياة الاقتصادية المرفهة، وقيل “من أتاه أخاه المؤمن في حاجة فإنما هي رحمة من الله ساقها إليه، فإن فعل ذلك فقد وصله بولايتنا وهي موصولة بولاية الله عز وجل، وإن رده فقد ظلم نفسه وأساء إليها” فلماذا ظلم نفسه وأساء إليها، لأن وجود إنسان محتاج يشكل ثغرة اجتماعية واقتصادية سيكون لها آثارا وخيمة على اقتصاديات المجتمع وبالتالي سيقع تأثيرها على جميع أبناء المجتمع بما فيه الشخص الغني، لأن وجود محتاج بلا سيولة نقدية يعني الجمود الاقتصادي بينما وجود السيولة بيد المحتاج سيحقق حركة في السوق بالتبادل السلعي، فهؤلاء الذين يسعون في قضاء حوائج الناس بتقديم المال لهم سواء عن طريق الهدية أو الصدقة أو القرض سيساهموا في بناء الحياة الاقتصادية المرفهة “وإن لله عبادا في الأرض يسعون في حوائج الناس هم الآمنون يوم القيامة”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى