مقال

ليس الزعماء مخلدين….

ليس الزعماء مخلدين….

كتب / يوسف المقوسي

 

إنفرط عقد الفلسطينيين، أو يكاد ينفرط، بأفضال قياداتهم السياسية المخلدة وتناحرهم في ما بينهم لأسباب تخص زعاماتهم «التاريخية منها أو المستحدَثة»، وجميعها مَدين بوجوده واستمرار تأثيره للخطاب الحزبي الذي يملأ على الرعايا الهواء حتى حدود الاختناق.

ليس بين الزعماء، ومعظمهم من المخلدين، من يهتم فعلاً بهؤلاء الرعايا وحالة الضنك والضياع التي يعيشونها في وطنهم الذي أحبوه وأعطوه عصارة جهدهم انتاجاً، وكفاءة لم تتسع لها دولتهم التي يتمنوها بنظامها الفريد ولّادة الحزبية والمذهبية لتركبها الزعامات الآتية من اتون الحرب الأهلية الحريصة على استمرار مناخها باعتباره ضمانة وجودهم في مواقع القيادة وثباتهم فيها بغير منافس.. وللثبات شروط محددة أبسطها إنعاش المناخ الحزبي والنفخ فيه كلما هددته احتمالات التطور وخروج الشعب من الدائرة المغلقة التي استُرهِن فيها حتى يأكله اليأس فيرحل أو ينطوي على نفسه ويجتر ذكرياته عن «الشارع» الذي كان مفتوحاً فأقفل بالأمر، وعن النخب التي كانت بشارة بالغد الأفضل ففرض عليها الخيار المر: الصمت مقابل قبولها بالسلطة بشروط مغرية ولكنها تلغيها، أو اختيار المنفى لتبيع كفاءاتها للخارج.. وترتاح من النضال وحلم التغيير!

ممنوع التغيير إلا إلى الأسوأ..

الزعامات التي استنبتها، في الغالب الأعم، المناخ الحزبي الآخذ إلى الفتنة، لا تتعب من تصنيع أسباب الشقاق وتحويل الاختلاف السياسي إلى مشروع خطر جدي يستهدف الكيان بنظامه القائم على أسس مانعة لوحدة الشعب وقاتلة لأي مشروع يهدف إلى تحويل «الكيان» إلى «وطن» يتساوى فيه أهله بوصفهم مواطنين لا رعايا لأحزابهم وحركاتهم وبالتالي لقياداتهم الحزبية..

أصبحت فلسطين «متعددة» تمتنع على أهلها أسباب التوحد باعتبارهم شعباً واحداً، صغيراً عديده، لكنه يتميز بالكفاءة علما وخبرة واجتهاداً بحيث تنهال العروض على شبابه من دنيا العرب كما من دول الخارج حيث أنهى دراساته العليا متفوقاً ثم لم يجد في بلاده من يحترم علمه وكفاءته إلا إذا عاد إلى الانخراط في الحركة أو الحزب والجهر بموالاة زعيمها المخلد وانتظر عند بابه حتى يتكرم عليه بلفتة تحمله إلى موقع يليق بمَن أوصى به واعتمده وليس بشهاداته أو وجوه كفاءته وسنوات خبرته.

ممنوع تحويل الكيان إلى وطن، وتحويل رعايا الحركات والأحزاب إلى شعب واحد موحد قادر على بناء الغد الأفضل بكفاءاته العلمية وخبراته العملية.

… ويفاخر زعماء الحركات والأحزاب الذين صادروا العمل السياسي واحتكروا المناصب فوزعوها على أزلامهم كغنائم حرب، بأنهم قد نجحوا في ضرب وحدة الشعب واحتكار السلطة، بالمناصب السامية فيها لأزلامهم، وشطبوا الحياة الحزبية والنقابات عموماً، عمالية وطالبية، والمنتديات الفكرية والثقافية، ليسود خطابهم التقسيمي بجذوره الحزبية.

مَن الذي استولد مجلس نيابي بقانون جهيض ومشوه أصلاً بزيادة الجرعة الحزبية فيه بتقسيم الشعب المقسم ويعمل لاستيلاد مجلس جديد يثبت الانقسام على قواعد حزبية ويلغي أي احتمال لتوحيد الشعب وتمكينه من التعبير عن رأيه واختيار مجلسه النيابي ومن ثم رئيس البلاد، وبالاستطراد الحكومة، بمَن يمثله حقاً ويعمل مخلصاً لحماية وحدة هذا الشعب وبناء الدولة القادرة بأبناء الوطن المؤهلين والذين يبيعون كفاءتهم للخارج أو يهاجرون بها إلى دول ترحب بكفاءاتهم وخبراتهم؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى