مقال

نفحات إيمانية ومع أمية بن خلف الجمحي “جزء 2”

نفحات إيمانية ومع أمية بن خلف الجمحي “جزء 2”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع أمية بن خلف الجمحي، وأما عن ولده صفوان بن أمية الجمحي وهو القرشي الكناني، وقيل عنه أنه هرب في فتح مكة، ثم أجاره أحد المسلمين، وهو يعد من المؤلفة قلوبهم، وهو صفوان بن أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وقد هرب من النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، عام الفتح، ثم جاء فأسلم وحسن إسلامه، وكان الذي استأمن له عمير بن وهب الجمحي، وكان صاحبه وصديقه في الجاهلية، وقدم به في وقت صلاة العصر فاستأمن له فأمّنه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أربعة أشهر، واستعار منه أدرعا وسلاحا ومالا.

 

وقد حضر صفوان غزوة حنين مشركا، ثم أسلم، وقد قال الواقدي، ثم لم يزل مقيما بمكة حتى توفي بها، وكان ذلك في أول خلافة معاوية بن أبى سفيان في سنة واحد وأربعين من الهجره، ولقد كان أمية بن خلف من سادات قريش، وقد حارب دعوة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في بدايتها، وصد عنها ووقف في وجه كل من يتبعها خاصة الفقراء والمستضعفين، وكان من بين هؤلاء المستضعفين الصحابي بلال بن رباح، الذي دخل في الإسلام خفية بدون علم أمية بن خلف، وفي يوم جاء رجل مشرك إلى أمية بن خلف وهو في مجلس لقريش وناداه قائلا، أو ما بلغك الخبر، لقد شهدت عبدك بلال فهو يختلي مع محمد وصحبه، فقام أميه من مجلسه ودخل داره منتظرا رجوع بلال، ولما قربت الشمس على الغروب.

 

دخل بلال على أمية فقال له، ما هذا الذي بلغني عنك أيها العبد الحبشي، أحقا أنك اتبعت دين محمد، فأجاب بلال، أما وأنه بلغك أمري وعلمت بإسلامي فإني لا أخفي عليك أني آمنت بالله ورسوله وأنا من جنوده، فأجابه أمية بن حلف، لست أيها العبد إلا مملوك، لا تملك من أمرك شيئا، وأقسم أن يذيق بلال، صنوف العذاب ليرغمه على الرجوع إلى الكفر والشرك كما كان، فأعد الحبال وشد بها أقدام بلال وقيدت يداه إلى الخلف، وجر على الأرض وسط الصحراء، وكان يترك بلال في الصحراء من الظهيرة إلى غروب الشمس، ويأتيه أميه بن خلف قائلا له، ما رأيك الآن يا بلال، أذقت العذاب، وهل آن لك أن ترجع إلى عبادة اللات والعزى، وكان بلال يقول ” أحد أحد ” وأبى أن يعود إلى الشرك، ومضت الأيام وبلال يُعذب.

 

حتى مر أبو بكر الصديق يوما فآلمه ما رأى من عذاب بلال، فقال لأمية ” متى تترك هذا المسكين ” فقال أمية، إنه عبدي وملكي، وإذا كنت مشفقا عليه فاشتره، فاشتراه أبو بكر الصديق رضى الله عنه واعتقه، وفى غزوة بد كان هذا أمية بن خلف في أرض بدر على بعيره الذي اشتراه بأغلى الأثمان، يتحين الفرصة تلو الأخرى لكي ينجو من الموت، غير أن الموت قادم، قادم يا أمية، لكن أمية فجأة يشعر أن الحياة قادمة وإنه يرى من خلال الموت فرجة إلى الحياة يحملها أحد المهاجرين، ويحملها عبد الرحمن بن عوف وهو شاهر سيفه يجندل به جنود الشرك، ولكن أي أمل يحمله عبد الرحمن وسيفه يقطر دما ويبدو أن أمية بن خلف يحمل سرا، فلقد تطلق وجهه واستبشر عندما رأى عبد الرحمن بن عوف.

 

وهذه اللحظات يقصها علينا عبد الرحمن بن عوف فيقول كان أمية وعبد الرحمن صديقين في الجاهلية، وكان بينهما تعامل تجاري بعد الإسلام، بل وبعد الهجرة، وكانت هذه العلاقة تخللتها قصة مثيرة، حيث بدأت في مكة قبل الإِسلام فمتى ستنتهي؟ ويحدثنا عن بدايتها وعن نهايتها الصحابى الجليل عبد الرحمن بن عوف فيقول ” كان أمية بن خلف لي صديقا بمكة، وكان اسمي عبد عمرو، فتسميت حين أسلمت عبد الرحمن، فكان يلقاني ونحن بمكة فيقول يا عبد عمرو أرغبت عن اسم سماك أبوك؟ فأقول نعم هداني الله للإسلام فتسميت عبد الرحمن، فقال أميه إني لا أعرف الرحمن، ومضت الأيام والأحداث بالاثنين، وبقي أمية بن خلف في مكة على شركه وأصنامه، وهاجر عبد الرحمن بن عوف إلى المدينة، ومارس التجارة بعد أن دلوه على سوق المدينة فصار أحد تجارها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى