مقال

نفحات إيمانية ومع صاحب أشهر دار فى الإسلام ” جزء 5″

نفحات إيمانية ومع صاحب أشهر دار فى الإسلام ” جزء 5″

بقلم/ محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع صاحب أشهر دار فى الإسلام، ولقد كان صعب للغاية في بلد صغير مثل مكة، لأن الجميع يعرف بعضهم بعضا ومن ثم كان لا بد من البحث عن طريقة تحافظ على سرية الجماعة المسلمة دون أن تعوق تعليمهم، ومن هنا ظهرت فكرة الالتقاء الدوري المستمر في بيت أحد الصحابة، وليس في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يتوقع أن المشركين سيراقبون بيته بعد إعلان دعوته، وبالتالي يمكن أن يعرفوا زوّاره، فكان الأحوط أن يكون مكان اللقاء بعيدا عن الشبهات، ولقد اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت الصحابي الجليل الأرقم بن أبي الأرقم رضي الله عنه.

 

وكان الصحابى الجليل الأرقم رضي الله عنه يتحدث عن الصحابة الذين يجتمعون في داره، وهؤلاء ليس فيهم أبو ذر الغفاري رضي الله عنه، مع أنه معدود من السابقين لأنه عاد إلى بلده بالقرب من المدينة، ولم يكن يجتمع مع الصحابة الكرام في دار الأرقم، ومثله يُقال على عمرو بن عبسة رضي الله عنه، فهذان الصحابيان اثنان، والثالث سيُستشهد قبل إسلام حمزة وعمر رضي الله عنهما، وهو ياسر بن مالك رضي الله عنه، وهو أبو عمار بن ياسر رضي الله عنهما، فقيل أن هناك فارق سبعة من الصحابة الرجال أحصيناهم في حساباتنا، وهم ليسوا معدودين في رواية الأرقم رضي الله عنه، وقد عُدت إلى دراسة الأسماء التي أحصاها الذهبي رحمه الله.

 

فوجدت أن جميعها قد ذكر إسلامه مبكرا قبل إسلام حمزة وعمر رضي الله عنهما، وقيل أن هناك عدة احتمالات لتفسير ذلك ومن هذه الاحتمالات أن تكون ديار بعض البطون والقبائل بعيدة عن مكة، وبالتالي فالمسلمون الذين فيها لا يجتمعون بصورة دورية في دار الأرقم، لأن قدومهم بشكل متكرر إلى بيت الأرقم داخل مكة قد يلفت الأنظار إلى المكان، فكانت الدواعي الأمنية تستلزم حضور البعض دون الكل، وبالتالي قد يكون إحصاء الأرقم رضي الله عنه مبنيا على المنتظمين فقط في الاجتماع، ومن الاحتمالات كذلك أن يكون هناك خطأ في إثبات توقيت إسلام بعض الصحابة، حيث إن بعض الروايات التي ذكرت هذه الفترة المبكرة من عمر الدعوة.

 

مذكورة في كتب السيرة، أو كتب الرجال والطبقات بسند ضعيف، أو يحتمل الضعف، وبذلك قد يكون إسلام بعض أفراد القائمة متأخرا نسبيا، ومع ذلك فيصعب جدا تحديد هذه الأسماء الزائدة لعدم القدرة على ترجيح رواية على أخرى، ويحتمل أن العدد الصحيح الذي كان مجتمعا في دار الأرقم قبل إسلام عمر رضي الله عنه هو ما ذكرناه، أي سبعة وأربعين من الرجال، ولكن الأرقم رضي الله عنه أسقط الكسور من كلامه، فقال أربعين رجلا، بينما هم سبعة وأربعون، وكانت العرب تفعل هذا كثيرا في كلامها لأنها كانت أمّة لا تحسب، فكانوا أحيانا، على سبيل الاستسهال والتيسير يُسقطون الكسور، ويثبِتون العشرات والمئات فقط، لذا يكثر في كلامهم الحديث عن الأربعين والخمسين والستين والسبعين.

 

ويقل جدا ذكر الكسور معها، كنحو قول أنس بن مالك رضي الله عنه عندما ذكر عدد من توضأ من ماء قليل خرج من بين أصابع الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث قال أنس رضي الله عنه ” فتوضأ القوم حتى بلغوا فيما يريدون من الوضوء وكانوا سبعين أو نحوه ” فقد ذكر رقم سبعين، ثم استدرك فقال أو نحوه، ويعني أنه كان سبعين تقريبا وليس على وجه الحصر الدقيق، بل إنه في رواية أخرى قال عن الموقف نفسه ” حضرت الصلاة فقام من كان قريب الدار من المسجد فتوضا، وبقى قوم، فأتى النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بمخضب من حجارة فيه ماء، فوضع كفه، فصغر المخضب أن يبسط فيه كفه، فضم أصابعه فوضعها فى المخضب فتوضأ القوم كلهم جميعا” قلت كم كانوا؟ قال ثمانون رجلا”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى