مقال

نفحات إيمانية ومع إصلاح القلوب ” جزء 1″

نفحات إيمانية ومع إصلاح القلوب ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــروى

 

إن من أهم المهمات في حياة كل مسلم هو أن يهتم بإصلاح قلبه، والعناية بنفسه حتى يقدم على ربه عز وجل، بقلب سليم وعمل صالح رشيد، لاسيما ونحن نعيش زمانا قد كثرت فيه الفتن، وتعددت فيه الشبهات والشهوات، لأن القلب هو محرك الجوارح وموجهها، وهو أكثر الجوارح تأثرا، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “تُعرض الفتن على القلب كعرض الحصير عودا عودا، فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تعود القلوب إلى قلبين، قلب أسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا، ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه، وقلب أبيض فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض” رواه مسلم، وأن مدار التقوى على إصلاح القلوب، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن في الجسد مُضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب”

 

فمتى صلح القلب بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، واليوم الآخر والقدر خيره وشره، وصحح ذلك بالمعرفة، وحسن الاعتقاد، ثم توجه القلب إلى ربه بالإنابة والقصد وحسن الانقياد فإن الجوارح كلها تستقيم، على طريق الهدى والرشاد، فصلاح الجوارح ملازم لصلاح القلوب، فاغتنموا رحمكم الله إصلاحها بحسن النية في كل مطلوب، فإن الله لا ينظر إلى صوركم وأعـمالكم، ولكن ينظر ما أكنته القلوب، فأخلصوا الأعمال لله تعالى في كل ما تأتون وما تذرون، وأنيبوا إلى ربكم، واطمعوا في رحمته لعلكم ترحمون، فالعمل اليسير مع الإخلاص خير من الكثير مع الرياء، والثمرات الطيبة إنما تحصل لمن حقق النية واتقى، فمن أصلح باطنه، أصلح الله تعالى له الأحوال، وسدده في الأقوال وإن الميزان عند الله حين اطلاعه على قلوب العباد هو صلاحها أو فسادها.

 

فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “إِن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم” رواه مسلم، فهو سبحانه وتعالى لا ينظر إلى صورنا سواء كان الشخص جميلا أو قبيحا، أو أبيض أو أسود، ولا ينظر إلى أجسادنا هل هي قوية أو ضعيفة، أو طويلة أو قصيرة، ولكنه ينظر إلى قلوبنا وأعمالنا، فالقلب هو موضع نظر الله عز وجل، لما له من أهمية في حياة الإنسان، فالقلب للأعضاء كالملك المتصرف في الجنود التي تصدر كلها عن أمره، فتكتسب منه الاستقامة أو الزيغ، فيقول النبى صلى الله عليه وسلم “ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب” رواه البخاري.

 

فعلى كل مسلم ومسلمة العمل على إصلاح قلوبهم والعناية بها، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يهتم بإصلاح القلب غاية الاهتمام، ويعتني به تمام العناية، ويوصي بذلك في كثير من أحاديثه الشريفة فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد، يصرفه حيث شاء” ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “اللهم مصرف القلوب صرّف قلوبنا على طاعتك” رواه مسلم، وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم “اللهم اجعل في قلبي نورا” ويقول أيضا “اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع” فيجب علينا جميعا أن نعلم جيدا أن القلب هو موضع نظر الله تعالى فى لإنسان.

 

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن الله تعالى لا ينظر إلى صوركم واموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم واعمالكم” رواه مسلم، فالله تعالى يوم القيامة لا ينظر إلى كم رصيدك أو ما هو منصبك ورتبتك، ولا ينظر إلى كم لديك من الأولاد والقصور والعقار، ولكن الله ينظر إلى هذا القلب وما فيه من خير أو شر، لذا ينبغي علينا أن نهتم بهذا العضو ونزيّنه بزينة الإيمان والتوبة والإنابة إلى الله تعالى، ويجب علينا أن نعلم تماما أن الله تعالى انزل لباسين للإنسان، لباسا ظاهرا يواري العورة ويسترها، ولباسا باطنا من التقوى يجمّل العبد ويستره، فإذا انكشف هذا الغطاء انكشفت عورته الباطنة كما تنكشف عورته الظاهرة بنزع ما يسترها من لباس، فإن صلاح الجوارح بصلاح القلب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى