مقال

نفحات إيمانية ومع كلام المصطفي العدنان ” جزء 8″

نفحات إيمانية ومع كلام المصطفي العدنان ” جزء 8″

بقلم / محمـــد الدكــــرورى

 

ونكمل الجزء الثامن مع كلام المصطفي العدنان، ولا يكون هذا إلا بدراسة السيرة النبوية ومعرفة الحياة العامة والخاصة للنبي صلى الله عليه وسلم، وأما عن وجوب العمل بخبر الآحاد، فإنه على هذه الشبهة أو على مثلها قام رأي فريق من أهل الفرق والأهواء، كالرافضة، والفلاسفة، وبعض المعتزلة، فذهبوا إلى عدم وجوب العمل بخبر الآحاد، وقد يرى رأيهم هذا بعض المنحرفين من أهل هذا العصر، وهو رأي يقضي على السنة جمعاء إذ ليس بعد السنة العملية المتواترة التي جاءت ببيان ما فرضه الله من الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، إلا أخبار الآحاد، وقلّ أن تجد سنة قولية قد اتفق على تواترها، ومن ذلك يرى أنه قول ينتهي إلى عدم وجوب العمل بالسنة وإغفالها كلها.

 

وما كان لمثل هذا القول أن يكون له وجود بعد الذي تواتر نقله من اعتماد رسول الله صلى الله عليه وسلم، على أخبار الآحاد في تبليغ دعوته، وتشريع أحكامه، وبعد الذي قام عليه إجماع المسلمين بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من ركونهم في معاملاتهم، وقضائهم، وفتاويهم، وعباداتهم إلى أخبار الآحاد، وبخاصة إذا لوحظ أن ما أثاره أصحاب هذا الرأي من شبهة في سبيل وجوب العمل بأخبار الآحاد ليس بالأمر ذي البال الذي يقوم على نظر صحيح، ومنطق سليم، وليس يستعصي على النظر العادي دحضه وقصوره في الوصول إلى النتيجة التي رتبوها عليه، ولقد عني كثير من العلماء بدحض هذا الرأي، وإظهار فساده، وانحرافه عن الجادة.

 

وكتبوا فيه الفصول الضافية الممتعة المقنعة، وزخرت بها كتب الأصول في مختلف العصور، ولكن أول من تصدى لذلك وأفاض فيه وأحسن القول، وبسطه وبرع في بيان فساده، وكان من جاء بعده عيالا عليه الإمام الشافعي رحمه الله، في رسالته، وهكذا فإن السيرة النبوية هي التأريخ والتأصيل الزمني لجملة الأحداث والوقائع التي كانت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي الدراسة الخاصة بالنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، من حيث أخلاقه وشمائله المحمدية ونسبه الشريف ودلائل النبوة التي حباه الله بها، وكل ما يتعلق بها من أحداث وغزوات فهذا من صميم السيرة النبوية، وتعطينا دراسة السيرة النبوية الشريفة معرفة عن النبى صلى الله عليه وسلم.

 

والتي نعرف بها حياته واسمه الشريف ونسبه القويم، فلا يتخيل عاقل أن مسلما لا يعلم شيئا عن نبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في أي عام ولد وما هي معجزاته وما هي أبرز ملامح حياته، فسيرته العطرة تعلمنا الإقتداء والتأسّي برسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا نقتدي بما لا نعلم لأن الإقتداء يجب أن يكون على علم وعلى بصيرة، ولولا دراسة السيرة النبوية لما عرفنا كيف كان خلق النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وكيفية لباسه وكيفية تعامله مع الناس وفي رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا أسوة حسنة، فنتعلم كيف كانت الحرب، في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكيف كانت الرحمة بالأعداء قبل الأصحاب، وندرك فنون القيادة.

 

وكيف كانت تدار الدولة وكيفية القضاء والعدل بين الناس من خلال المواقف التي نمر بها أثناء تصفحنا لنفحات السيرة العطرة، وإن دراسة السيرة النبوية الشريفة تعلمنا أحكام الدين، فبها نعلم الأحكام الفقهية من خلال المواقف التي حدثت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهل أنكرها أم أقرّها، وهذا بحد ذاته تشريع نبوى بحال تحققت لدينا صحة النقل، فهذا هو فقد ولد نبى هذه الأمة، وخاتم الرسل الكرام محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين من شهر ربيع الأول من عام الفيل، وقد رأت أمه حين ولادته كأن نورا يخرج منها تضيء له قصور الشام، وقد نشأ النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في قومه يتيما دون أب، فقد ظل مع أمه التي سعت إلى التماس المراضع له منذ صغره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى