مقال

نفحات إيمانية ومع مصر بلد الأمن والأمان ” جزء 1″

نفحات إيمانية ومع مصر بلد الأمن والأمان ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

إن نعمة الأمن هى من أعظم النعم التى منّ بها الله عز وجل على عباده، فهى أعظم من نعمة الرزق، ولذلك قدمت عليها في القرآن الكريم فبدأ الله تعالى، بالأمن قبل الرزق وذلك لأن استتباب الأمن سبب للرزق، فإذا شاع الأمن واستتب ضرب الناس في الأرض، وهذا مما يدر عليهم رزق الله تعالى، ويفتح أبوابه، ولا يكون ذلك إذا فُقد الأمن، ولأنه لا يطيب طعام ولا يُنتفع بنعمة رزق إذا فقد الأمن، فمَن من الناس أحاط به الخوف من كل مكان، وتبدد الأمن من حياته ثم وجد لذة بمشرب أو مطعم؟ ولقد سئل بعض الحكماء فقيل له ما النعيم ؟ قال هو الغنى، فإنى رأيت الفقر لا عيش له، فقيل له زدنا، فقال الأمن، فإنى رأيت الخائف لا عيش له، فقيل له زدنا، قال العافية فإنى رأيت المريض لا عيش له.

 

فقيل له زدنا، فقال الشباب، فإنى رأيت الهرم لا عيش له، وإن لأهمية الأمن ومكانته في الإسلام، فقد أعلاه العلماء منزلة أعظم من نعمة الصحة، فقد سئل بعض العلماء، الأمن أفضل أم الصحة؟ فقال الأمن أفضل، والدليل على ذلك أن شاة لو انكسرت رجلها فإنها تصح بعد زمان، ثم إنها تقبل على الرعي والأكل، ولو أنها ربطت في موضع وربط بالقرب منها ذئب فإنها تمسك عن الطعام ولا تتناوله إلى أن تموت، وذلك يدل على أن الضرر الحاصل من الخوف أشد من الضرر الحاصل من ألم الجسد، فإن الأمن والاستقرار إذا عََّم البلاد، وألقى بظله على الناس، أمن الناس على دينهم وأنفسهم وعقولهم وأموالهم وأعراضهم ومحارمهم، ولو كتب الله عز وجل، الأمن على أهل بلد من البلاد.

 

سار الناس ليلا ونهارا لا يخشون إلا الله عز وجل، وفي رحاب الأمن وظله تعم الطمأنينة للنفوس، ويسودها الهدوء، وتعمها السعادة، وإن النبى صلى الله عليه وسلم، قد جمع ذلك في قوله ” من أصبح منكم آمنا فى سربه، معافى فى جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا ” وهذا الحديث رواه الترمذى وابن ماجه، وإن مكانة الأمن كبيرة، فالأمن تحقن فيه الدماء، وتصان الأموال والأعراض، وتنام فيه العيون، وتطمئن المضاجع، ويتنعم به الكبير والصغير والإنسان والحيوان، فالأمن من نعم الله العظمى وآلائه الكبرى، ولا تصلح الحياة إلا به، ولا يطيب العيش إلا باستتبابه، فإن الأمن لو سُلب من بلد ما، فتصور كيف يكون حال أهله؟ وما أجمل أن يكون الكلام عن الوطن.

 

وأجمل منه أن يكون الكلام عن وطن يحبه الله ورسوله، فالحديث ذو شجون، لأننا نتحدث عن أعظم وطن، وأعرق حضارة، فإن الحديث عن أم الدنيا، وعن أرض الكنانة، وعن بلد لم ولن تعرف الدنيا مثلها، إنها مصر الغالية، فمصر هي العنوان، ومصر هى أحلى الأوطان، ففي مصر تعانقت القلوب، وتصافح المُحب والمحبوب، والتقى يوسف بيعقوب، ولقد وجد الإسلام فى مصر أعياده، وفى مصر كنتم يوم الفتوح أجناده، وكنتم مدده عام الرمادة، وأحرقتم العدوان الثلاثي وأسياده، وحطمتم خط بارليف وعتاده، وكنتم يوم العبور آساده وقواده، فإن مصرهي أم البلاد، وهي موطن المجاهدين والعُباد، فمصر قهرت قاهرتها الأمم، ووصلت بركاتها إلى العرب والعجم، وإن مصر هى كوكبة العصر.

 

وكتيبة النصر، وإيوان القصر، وإن مصر هى أم الحضارة، ورائدة المهارة، ومنطلق الجدارة، وإن مصر هى أرض العز، وهى بلاد العلم والقطن والنماء، وإن مصر هي مصر التى تكلم عنها القدامى، ولكننا نحتاج إلى شعب كالقدامي، نحتاج إلى شعب يتقى الله في نفسه وعمله ووطنه وأهله وماله، نحتاج إلى رجال كأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلى، فالمشكلة مشكلة أفراد وأشخاص وليست مشكلة أرض مدحا أو قدحا، فإن مصر بلد عظيم القدر، وقد روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عندما عاد أحد المسلمين وهو مريض وقرأ عليه فاتحة الكتاب واضعا يده على الجزء المريض في جسده، فبرئ الرجل بفضل الله تعالى، فلما استشهد عمر بن الخطاب، ومرض الرجل مرة أخرى طلب ممن يعوده أن يقرأ عليه بفاتحة الكتاب كما صنع عمر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى