مقال

الدكروري يكتب عن عندما نسمع المواعظ اليوم

الدكروري يكتب عن عندما نسمع المواعظ اليوم
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الجمعة الموافق 3 مايو 2024

  1. الحمد لله الرحيم الودود، سبحانه من خالق عظيم وبخلقه رؤوف حليم، أشهد أنه لا إله إلا هو وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد فيا عباد الله، اتقوا الله فإن ساعة عظيمة تنتظركم، يجزى فيها الإنسان عن الصغيرة والكبيرة، موقفها عظيم وأمرها جلل فتزودا لذلك وإن خير الزاد التقوى، ثم أما بعد لقد كانت نفوس صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم عند سماع المواعظ، كانت ترق رقة عجيبة لكلمات يسمعونها من رسول الله على المنبر مثلا عن أنس رضي الله عنه قال خطب رسول الله صلي الله عليه وسلم خطبة ما سمعت مثلها قط، قال لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا، لو تعلمون ما أعلم من عذاب الله وتفاصيل العذاب، كيف يعذب أهل النار، وكيف يحرقون،

لو تعلمون ما أعلم من أهوال المحشر، ومن شدة الحساب، لو تعلمون ما أعلم من عظمة الصراط، وشدة المشي عليه، والكلاليب التي تتخطف الناس، فيهوون في جهنم، لو تعلمون ما أعلم يقول صلي الله عليه وسلم ” لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرا” فالرسول صلي الله عليه وسلم رأى بعينه، أراه الله جهنم بعينه، رأى بعينه، ما اطلع على هذا من الصحابة أحد، فقال لهم هذه الكلمات التي يعبر بها عما رآه ” لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا” ولكن ماذا فعل الصحابة؟ هل قالوا ما دمنا لم نري ما رآه صلي الله عليه وسلم فلماذا نتأثر كما تأثر؟ لا، هذه الكلمة دفعتهم إلى التأثر حالا، فقال أنس رضي الله عنه فغطى أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم وجوههم لهم خنين، ذلك الأزيز هو الصوت الذي يرتفع من الصدر بالبكاء.

لهذه الكلمة التي أخبرهم بها صلي الله عليه وسلم، فعندما نسمع المواعظ اليوم هل نتأثر لها كما كان صحابة رسول الله يتأثرون؟ هل نغطي وجوهنا كما غطى أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم وجوههم؟ هل تنخنق العبرات، وتذرف الدموع، وتخرج الأصوات كالأزيز يغلي به المرجل من الصدور للتأثر من هذه المواعظ، لقد تبلدت إحساساتنا والله، إن على قلوبنا غلافا سميكا لا تنفذ من خلاله آيات الله وأحاديث رسوله صلي الله عليه وسلم في المواعظ، يجب أن نرقق هذه القلوب أيها الإخوة بشتى أنواع المرققات حتى نصل إلى الدرجة التي إذا سمعنا فيها المواعظ تأثرنا، وإن محل النية باتفاق الفقهاء، وفي كل موضع القلب وجوبا، ولا تكفي باللسان قطعا، ولا يشترط التلفظ بها قطعا، لكن يسن عند الجمهور غير المالكية التلفظ بها لمساعدة القلب على استحضارها.

ليكون النطق عونا على التذكر، والأَولى عند المالكية ترك التلفظ بها لأنه لم ينقل عن النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه التلفظ بالنية، وكذا لم ينقل عن الأئمة الأربعة، فإن نوى بقلبه وتلفظ بلسانه، أتى عند الجمهور بالأكمل، وإن تلفظ بلسانه ولم ينوى بقلبه، لم يجزئه، وإن نوى بقلبه ولم يتلفظ بلسانه، أجزأه، وأما عن حكم النية إذا انفردت عن الفعل، والفعل إذا انفرد عن النية؟ أولا انفراد النية عن الفعل إذا انفردت النية، بحيث لا تقترن بعمل ظاهر، لا تترتب عليها أحكام شرعية، فمثلا لو طلق رجل زوجته في قلبه، أو باع داره، أو مزرعته، ولم ينطق بلسانه، فإنه لا يترتب على ذلك الفعل الباطني حكم، لأن الأحكام الشرعية تتعلق بالظواهر، وثانيا انفراد الفعل عن النية، وهو إذا انفردت الأفعال عن النية، فهنا يفرق بين أمرين، الأول إذا كانت الألفاظ صريحة، فإنها لا تحتاج إلى نية.

بل يكفي حصول الفعل لترتب الحكم عليه لأن الألفاظ الصريحة لا تحتاج إلى نية لاشتمالها عليها، ومثال ذلك أن يقول شخص لآخر بعتك هذه الدار، أو أوصيت لك بهذه المزرعة، أو يكون قد أقر بشيء، أو وكل، أو أودع، أو قذف، أو سرق شيئا، فكل هذه الأمور لا تتوقف على النية، بل يكون فعلها كافيا لترتب الحكم عليها، والأمر الثاني هو ما إذا كانت الألفاظ غير صريحة، فيختلف حكم اللفظ الواحد باختلاف مقصد الفاعل، فالبيع أو الشراء إذا استعمل بصيغة المضارع، كقول البائع أو المشتري أبيع وأشتري، فإن قصد به الحال، ينعقد به البيع، وإن قصد به الاستقبال، لا ينعقد، وعلى هذا يختلف الحكم باختلاف قَصد الفاعل إذ غير الصريح لا يعطى حكمه إلا بالقصد، فلا ينفصل الفعل عن النية فيه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى