مقال

حديث الصباح……

حديث الصباح

اشرف عمر

 

عَنْ أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُرَّ عَلَيْهِ بِجَنَازَةٍ فَقَالَ:

 

*{ مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ }*

 

قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ مَا الْمُسْتَرِيحُ وَالْمُسْتَرَاحُ مِنْهُ ؟ فَقَالَ :

 

*{ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا ، وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ ، وَالْبِلَادُ ، وَالشَّجَر ُ، وَالدَّوَابُّ }.*

 

رواه البخاري ومسلم.

 

شرح الحديث:

الدُّنيا مزرعةُ الآخِرةِ يحصُد فيها الناسُ ثِمارَ أعمالِهمْ، إنْ خيرًا فخيرٌ وإنْ شرًّا فشرٌّ، وفي الآخِرةِ يكونُ الجزاءُ إمَّا إلى جنَّةٍ وفيها الراحةُ الأبدِيَّةُ، أو إِلى نارٍ وفيها التَّعبُ والنَّصَب والشَّقاءُ، وفي هذا الحَديثِ يَحكي أبو قتادةَ الأنصاريُّ رضي الله عنه: “أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم مُرَّ عليه بجَنازةٍ”، أي: مرَّت عليه جنازةُ ميِّتٍ محمولةٌ لتُدفَنَ، فقالَ: «مُستَريحٌ ومُستَراحٌ مِنهُ»، أي: إنَّ الجنائزِ والأمواتِ عندَ انتِهاءِ آجالِهِم بينَ حَالين: إمَّا أنْ يستَرِيحَ الميِّتُ، وإمَّا أن يستريحَ الناسُ من الميِّتِ. فقالَ الناسُ: “يا رسولَ الله، ما المُستَريحُ والمُستَراحُ مِنهُ؟ قالَ: العَبْدُ المؤْمِنُ يَسترِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنيا وأذَاها إلى رَحْمَةِ اللهِ”، أي: يَستَريحُ العبدُ المؤمنُ بعدَ موْتِهِ منْ تَعبِ الدنيا وأذاها بدُخولِه في رحمةِ اللهِ ورِضْوانِه، فيَنْتَقِلُ من حالِ التعبِ إلى حالِ الراحةِ.

 

وأمَّا العبدُ الفاجرُ، وهوَ العاصي أو الكافرُ، فيَستَريحُ منهُ العِبادُ والبلادُ، والشجَرُ والدَّوابُّ أي: يَستَرِيحونَ من فُجُورِه وشُرورِه وأذاه، وهي أفعالٌ تضُرُّ بالعِبادِ، وتكونُ سببًا للهلاكِ لو كثُر الفُجَّارُ، فيَمنَعُ اللهُ الخيرَ والمطرَ فيَهلِكُ جميعُهُم بما فيهِم الشَّجرُ والدَّوابُّ.

 

وبهذا التَّبيِينِ والتَّوضيحِ النَّبوِيِّ فإنَّ المسلمَ قد وضَعَ أمامَه الاختِيارَ فليَخْترْ لنفْسِهِ ما أحبَّ، وليعملْ وليجْتَهدْ حتى يكونَ مُستَريحًا في الآخرةِ.

 

صبحكم الله بكل خير وصحة وسعادة وبركة في العمر والرزق وطاعة وحسن عبادة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى