خواطر وأشعار

ديمه……..

...

( ديمه )

 

أطلت ديمة بعينيها السوداوين إلى أمها مداعبة وبعفوية وبراءة سن الخامسه .. سألت أمها التي كانت ترقد على فراشها الصغير تحكى حكايا كل الأمهات لأبنائهن قبيل النوم .. أين أبى ياأمي ؟ فأجابتها وبكل ثقة وتؤده إنه نائم بالحجرة المجاورة… فضحكت الصغيرة ديمه من فورها وصكت وجهها مداعبة أمها … أعرف أن من بالحجرة المجاورة هو جدى جدى حبيبى وأناديه ياأبى ولكنى أريد أن اعرف أبى الحقيقى الذى لا أحبه ولم أشتاق إليه واكرهه كثيرا جدا وهو أيضا لا يحبنى ولم يرنى أبدا ولكنى أحتاج ان اراه وأعرفه حتى إذا ما حضر أمامى إبتعدت عنه سريعا فلا يجدنى أبداً أو يلحق بى .. وتضحك ديمة ضحكتها البلهاء التى تتناثر على كل الأشياء المحيطة بها فتملؤها غِبطةً وسعادة

نظرت الأم لصغيرتها متعجبة ومنبهرة أيما إنبهار

فلم تكن تظن أو تشك أن ” ديمه ” ستعرف وتعى الحقيقة فى تلك السن المبكره

يبدو أن النت والفيسبوك قد فعلا الأفاعيل بإدمغة اطفالنا فنحسبهم بتخلفنا التقنى والعلمى مازالوا جهلاء أمثالنا .. وديمة أستاذة ورئيسة قسم فهى تعليم خالاها البارعين فى علوم الحاسوب

 

والأم مرغمة وسعيدة كذلك بوعى إبنتها الصغيرة والجميله فى روحها وطهارتها الطفولية الملائكية إلا أنها تحمل الجين الوراثى فى الشكل الخارجى بكل تفاصيليه فإنها وللأسف الشديد لا تشبه أحداً على كوكب الأرض كما تشبه أباها والمصنف الأسوء إجتماعياً وعالمياً والاقذر على الإطلاق من مخلوقات هذا الكون الفسيح ..

فتلك حقيقته بلا زيف او تزييف أو تنميق أو إستعراض للكلمات والأوصاف الأكثر إنحطاطاً

وراحت ” فريدة ” الأم تسرد الحكاية ببساطة تناسب إبنة الخامسة .. ثم تراجعت وقالت فى نفسها لا لا. سأحدثها حديث الكبار للكبار ولتفهم ماتفهم

و ” ديمة ” تستجمع كل حواسها الصغيرة والدقيقة و مستعدة تماما للحكاية التى ستريح قلبها الصغير وأسباب جحود ذلك الأب الشيطانى الذى لم يحاول حتى رؤيتها ولو لمرة واحدة على عجل أو مضض .. فقساة القلوب أمثاله لا يملكون قلوباً عادية كبقية البشر فقد وصفهم ربهم بأن قلوبهم كالحجارة بل أشد قسوة .

 

وتستحضر فريدة الأم شجاعتها وبأسها وتروى قصة مأساتها أى زواجها من هذا الإنسان الجهنمى

وهذه بداية قصتى يابنيتى وحبيبتى ..

 

عرفت أبيكى فى العمل فقد كان زميلى قرابة الثلاث سنوات وبيننا علاقة عادية جدا وسطحية وأشاهده بين اروقة المكاتب وحين يتجه مسرعا ليلحق بصلاة الجماعة والظهر تحديدا فيضفى هذا فى قرارة نفسى أنه رجل ملتزم دينيا وانه ليس من هذا النوع من الشباب الذين يلهثون خلف كل أنثى بغض النظر عن أدبها وأخلاقها بل كانوا ينظرون إلى أى أنثى نظرة شهوانية بهيمية يملؤها الطمع فى مفاتنها وتفاصيل جسدها أياً ما كان

 

وفى أحد الأيام الذى احسبه وأعده أسود أيام حياتى على الإطلاق وبداية رحلتى مع الشقاء والتعاسة متعانقان ومتحدان إتحادا فيدراليا فى تركيبته

وبينما أنا منهمكة فى أوراق العمل أبحث تارة فى الملفات وأكتب خطابات على الحاسوب تارة أخرى

يقترب منى عم ” أحمد ” كبير موظفى المكتب رجل وقور فى سن والدى تقرىبا ومن جيله

يهمس لى ” إيه رأيك يافريده فى الأستاذ محمد ” فنظرت إليه نظرة تعجب ومفاجأة وسألته فى ماذا .. فأومأ لها العم أحمد برأسه وإبتسامته تعلو وجهه البشوش قائلا ” عريس يعنى ” وككل البنات فى تلك اللحظات التى من المفترض أن تكون سعيدة .. إحمر وجهها خجلا وابتسمت ابتسامة خائفة وحذره مردفة ” إنت بتقول إيه ياعم أحمد .. فقال لها ماسمعتيه ياابنتى .. ما رأيك ؟

فرددت عليه متحسسة كلماتى فلا يجب على بنات الأصول والعائلات العريقة ان تبدى رأيها هكذا سريعا .. سأخبر أبى بهذا الأمر ماكنت قاطعة أمرا حتى أشاوره واستشيره كبقية مسائلى وشئونى فأنا أثق فيه ثقة عمياء

 

مر يوم العمل بسلام وعدت إلى البيت ويعلو وجهى إبتسامه بلهاء أحياناً ومتعجبه أحيانا أخرى .. فمشاعرى مضطربة فلم يدُر بخلدى او يجول بخاطرى أن يطلب هذا الشاب تحديدا يدى فلم أره مرة يرمقنى أو غيرى من زميلاتى بالعمل ولو بجانب عينيه فهو دائما كالقطار السريع الذى لا يقف إلا عند محطة النهاية

وببراءة الصغار ووداعتهم تسللت إلى أمى فى مخدعها أتحسس حضنها الدافئ الذى طالما إحتوانى .. والتى عرفت من فورها أن هناك ثمة خطب يؤرقنى ويوترنى كثيرا ” هيه هاتى ماعندك ” فأجبتها بصوت يكاد يسمع منه أنفاسي فقط ولا تستطيع كل كتب الترجمة أن تصيغه إلى كلمات فالخجل يلثم الشفاه ويغلق العيون ويجعل الجسد فى حالة إعياء

أم فريدة .. أكيد الموضوع كبير وابتسامتها ملتصقة بوجهها فقد استشعرت بخبرتها ومعرفتها المتينة بأولادها أن تستشف الموضوع .. وفاجئت فريده بسؤالها واسمه ايه ؟ وانفكت ساعتها عقدة لسانها سريعا .. اسمه محمد ياماما وزميلى فى الشغل وعلى قدر كبير والإحترام والتدين لم تعرف ساعتها أنها تصف إبليس طاووس الملائكة قبل أن يفسق عن أمر ربه ويصير شيطاناً رجيما

فما أغبى البشر !!! يًخدعون دائماً بالمظهر دون الجوهر ولكن لا بأس ام فريدة تعتصر إبنتها عصرا كى تعرف كل شيء عن العريس المنتظر وخاصة أمه وأبوه هل مازالا أحياءاً أم فارقوا الحياه والحمد لله .

وبعد أن أفاضت كل واحدة منهن بما فى جعبتها للأخرى إنتهى الرأى أن ينتقين وقتا مناسبا لمفاتحة الأب “على ” لأخذ رأيه فلا حل ولا عقد إلا برأى هذا الرجل فى هذا البيت .

إنتظرت الأم حتى جلس الأب فى الشرفة قبيل الغروب حيث الشمس تعاود عادتها اليومية بالسباحة فى ماء النيل الرقراق ليطفىء بعضا من لظاها كحبيبين إلتقيا بعد طول غياب

الأم تًحضر كوبين من الشاى وجلست قريبا جداً من الأب قُرب قرص الشمس من الماء ساعة الغروب وانحنت تجاهه تداعب شعره الذى أطل عليه المشيب البارحة فقط وتداعب ماتبقى من لهفات الشباب التى ولت منذ فتره .. واقتربت أكثر فضحك الأب مبتسماً ” عايزه إيه ياشقية ” بالطبع لم يقصد مايجول بخاطر احدكم هو فقط يسامرها و يداعبها ببراءة سنين عشرتيهما

وفجأة إعتدلت الأم فى جلستها قائلة وهى متلجلجة ” بنتك جالها عريس فى الشغل بتاعها ” ف هم منتبها قائلاً وبعد .. ونادى من فوره ابنته قاطعاً حديثه مع الأم منهياً اللقاء شبه الغرامى بينهما .. تعالى يافريده إجلسى بجانبى وقولى لى الموضوع بنفسك فأمك تختصر وتختزل الحكايات فى مواضع أخرى .. هيه مالموضوع فأعادت ماسبق على مسامع الأب الذى رحب ووافق مبدأيا حتى يسأل عن أهله وأصلهم وفصلهم كبقية المصريين وغالباً ماتبوء تلك المعلومات التى يتحصلون عليها بدرجات سيئةٍ جداً فى صحتها ولكن لابأس

نتيجة الإمتحان وسرعان ما ظهرت .. اقصد نتيجة التحريات وحصل العريس المنتظر على درجة مقبول ومن ثم سياتى وأهله والقادمين من احدى محافظات الوجه البحرى المنوفية على وجه التحديد وماأدراك ماهى نارُ حامية وعروق نافرة وهمم مستنفرة وأيادٍ ماسكة مستمسكة ونساء دافعة ومحفزة وعقول نافذة فائزة وجينات متحفزة نحو الأعلى والأسمى دائماً

فالاب يعرفهم جيدا جط فإنه فلذة منهم ولكن تربى بالقاهرة حيث الإنفتاح على كل الثقافات والأيدلوجيات العصرية والمستنيرة فلا عصبيات ولا تحيزات

 

وفى يوم جمعه كالعاده أتى العريس المنتظر بصحبة امة العجوز وذلك مايبدو عليها إلا انها تحمل كل الجينات الوراثية لأجداده الفراعين من سطوة وتسلط وجبروت وخاله الذى يتسم بالهدوء والوداعة والطيبة إلا انه يشبه كثيراً لهامان وزير فرعون ؛ وأخته من ذات النسل وأننا سنصاهر فى باطن الأمر الأسرة السابعة عشر من الهكسوس فى جبروتها وسطوتها على التاريخ المصرى القديم

جلس العريس المنتظر يبدو عليه الخجل الزائف والهدوء التى تتصف به الأفعى المقرنه قبل أن تنتبه لفريستها وعينيه إلى الارض ولكنى وبخبرتى أراه يتفحص كل ملليمتر فى المكان

بجانب عينيه التى تحمل جينات بنو إسرائيل وقت أن استعبدهم فرعون مصر من بعد يوسف الصديق عليه السلام

وما كان يزعجنى ويؤرقنى فى تلك الجلسه مارأيته فى عيني إبنتى التى لم يصلها ما وصلنى بالاتصال الروحى بينى وبين تلك الثلة من الفراعين المتمرسين فى الطغيان والدكتاتورية

ولكن لا ضير قد تثبت الايام القليلةالقادمة صحة حدسي وياليتنى كنت مخطئا وساذجا

ولكن. هيهات فإحساسى قلما يخدعنى أو يراوغنى

وللأسف قرأنا الفاتحه وحددنا موعد الخطبة ومازال الأمل يحدونى ان تكتشف إبنتى فريدة أسرار ودهاليز تلك المقبرة الفرعونية وما سيجر ورائها من لعنات و سخط و تمنيت كثيراً أن كل مايحدث مجرد كابوس مزعج

 

متبقى على عيد الأم بضع ساعات قليلة وتاتى معه الذكريات الكثيرة والجميلة أيام كنا ندخر فلوس قليلة لنحضر لامهاتنا اشهر علبة عرفها التاريخ فى مصر ” ست مناديل ملونه وزجاجة ريحة ” لا أعرف حتى الإن وقد بلغت مابلغت من العمر ماكنهها فى عالم الروائح

فى يوم عيد الام أتى ذلك الثعبان المقرن يحمل لحماته المستقبلية الشيكولاتة مع علبة قطيفة بها خاتم ذهبى ليستميل به قلب الام ليستول على حب فريدة وامها

وبالفعل هذا ماحصل فريدة تزداد تعلقا وشغفا به قد لامس قلبها الصغير والاحمق آنذاك .

وبالطبع إستمال الام ناحيته فأغلب النساء يعشقن بل يذبن عشقا فى الذهب والماس

وتمر الأيام ويزداد خوفى وحنقى وإستغرابى

من قدرة هذا المخلوق الذى بات عاريا تماما أمامى ولا مهرب له ولا فكاك منى إلا صوب فريدة وأمها .

فانا بالفعل أحب إبنتى كثيرا وجميع اولادى وفى أحيان كثيرة احبس آلامى وعذاباتى ومخاوفى وأحياناً إحتياجى لدعمهم بيد انى أتراجع دائما من أجل خاطرهم فما أتعسنى بحب إبنتى هذه المرة فإننى أشعر بأنى ألق بها فى نار كالنار التى اعدها النمروذ لإبراهيم عليه السلام .

إقترب الزفاف كثيراً وأصبح قاب قوسين أو ادنى من ببتنا الجميع سعداء إلا أنا أحمل فى نفسى هموماً ثقال تنوء الجبال بحملها

ولكن لا ضير لعل الله يحدث بعد ذلك أمراـ

وقبل الزفاف يطلبنى عبر التليفون ” عمى أنا هجيب المأذون من طرفى علشان هيوفر لى خمسمائة جنيه ” بينما يحدثنى بالتليفون وإشتممت رائحة البخل عن كثب .. ودب فى مسامعى ماقالته مريم إبنة عمران حين حملت من غير زوج ” ياليتنى مت قبل هذا ” ورددت عليه طلبه وأن هناك مأذون العائلة وأنا سأقوم بدفع. الفارق ولاتأبه لهذا الشىء البسيط والسهل ولكنه مازال يؤكد لى نظريتى ونظرتى فيه فالأمر لا يخرج عن صفتين قميئتين ألا وهما البخل والتسلط ويالهما من صفات تودى بمن يعتنقهما إلى أسفل سافلين

وقلت لنفسى والسعادة تغمرنى .. هل حانت الفرصة كى أودعه من غير رجعه وأنهى تلك الزيجة قبل أن تبدأ

فقلت له معنفاـ إياه وبألفاظ لم أعتد عليها من قبل ” الكلام ده عند ماما ” وأن مايريده لم ولن يكون وأغلقت التليفون فى وجهه وأنا فى قمة السعادة ولكنى نظرت لإبنتى وزوجتى ومارأيته راعنى وارعبنى فأنا فقط السعيد بما فعلت ولكن عينى لا ترى سوى مأتم قد أُقيم بكل تفاصيله ونظرات اللوم والعتاب تلاحقنى من عينيهما

ياالله ماذا صنعت وماذا أصنع وقد أعيتنى الحيل كى اتملص من تلك المشاعر المجافية لمشاعرى وتصطدم بها بشدة

فريدة تبكى بحرارة ماأعتدت عليها قبلاً والأم تواسيها وتبكى هى الأخرى مجاملة لها

وانا الآن أقوم بدور الأب الشرير الذى لا يعرف مصلحة أبناءه

وانزوت الأم بى تحاورنى بحديث انفرادى مُر مرارة شجرة الزقوم وبأننى سأكون العامل الرئيسى فى تعاسة إبنتى

ويبدو أننى قد خرجت مهزوما مدحوراً فى تلك المباراة وقلت لها أنا أستسلم … إفعلى ما تشائين

فاقترحت ان أبتعد قليلاً وانها ستهاتفه وكأنه من وراء ظهرى وأنهم جميعاً ضغطوا على كى أرضخ وأوافق على رأيه

الألم الآن يصل إلى ذروته ولكن لابأس لعله يكون خيراً

يأتى إلى البيت وأنا أختبىء كما يختبىء المديون من دائنيه ليشتروا أو يؤجروا فستان الزفاف

يخرجون جميعاً من الببت متوجهين الى اماكن بيع او إستئجار فساتين الزفاف وإذا بأحد الشباب يخترق هذا التجمع النسائى ماعداه ويصطدم قاصداً بفريدة وتقوم بنهره والصراخ بوجهه وأنه لم يتعلم الأدب والذوق من قبل وهذ الشىء الذى يسمى رجُلها المستقبلى لم يُحرك ساكناً وقد أضاف إلى صفاته العفنه صفة الجبن وظل صامتاً صمت الحملان فى حظائرها مدعياً أنه لم يرى مافعله ذلك الشاب فى البداية وأن الموضوع إنتهى سريعاً ولا داعى لتهويل الأمور

نظرت إليه فريدة نظرة المتأملين من المتصوفة لأضرحة أولياء الله الصالحين .. ثم قالت فى نفسها ربما يكون ذلك الموقف شىء عابر .. ولكنها أصرتها فى نفسها لوقت الحاجة إليها

والحمد لله عادوا إلى البيت من غير عريس الغبرة ولكن معهم فرحة فستان الفرح وما يتبعة من سعادة مستقبلية كانت تنشدها فريدة ككل قريناتها

موعد الزفاف يقترب رويداً رويداً ومخاوف الأب تزداد كثيرا حتى أصبحت تشبه جبل أُحد

فى ضخامته وشموخه .. وٱمال فريدة تزداد حدتها سعادة يصحبها توتراً ناتج عن مصير مجهول ولكنها الخطوة الاولى لحياة جديدة

تحدد يوم الخميس أحد أيام صيف ٢٠١٤ للزفاف

الجميع يتحضرون ويستعدون فنحن على سفر فالزفاف وبيت الزوجية فى المنوفية وماأدراك ماهى بلد قاسية فى تاريخها ومجتمعها المعقد والمتطور وغير الثابت

حضر العم محمد قبيصى بسيارته الفولفو الفارهة ليقلنا إلى قرية العريس المتعوس

تعلو الضحكات والزغاريد والأب مازال يرسم على وجهه ابتسامة لقيطة مالها من ملامح تميزها خشية أن يعكر صفو تلك الليلة

السيارات المصاحبة لأهل العروسة تنير المصابيح فى حركات متواترة يتبعها صوت نفير السيارات الذى يعلن ان فى هذا التجمع فرح بالتأكيد

وصل الركب إلى رأس قرية العريس .. صالة أفراح كبيرة عندما تدخلها لا تصدق أبداً مايحيط بها من زراعات وحظائر البهائم

الفرقة المتحركة تزف العروسين إلى الداخل كالعادة وحينها يتقدم الأهل والأقارب للتهئنة والتصوير مع العروسين

وبينما كانت فريدة منهمكة فى سرد أحداث ليلة العمر التى ستحدث إنقلابا فى حياتها

سألت ديمة أمها فريدة .. هل أكلتم يامامى الجاتوه والبيبسي ؟ فضحكت فريدة من فورها

عندما تذكرت قطعة الجاتوه الصغيرة والوحيدة والموضوعه بعناية وسط طبق ورقي كبير تذكرنى بالسيد طلعت حرب وتمثاله الواقف فى ميدانه وزجاجة البيبسى الصغيرة جداً ولاتُرى بالعين المجردة فإننى على علم بأنها انقرضت منذ زمن بعيد

العريس وجهه يملؤه الخوف متشحاً بالسواد والإصفرار معا يشبه مرضى الأنيميا والإكتئاب والإبتسامة التى تخرج منه إنما تخرج على إستحياء وكأنها خرجت من فِيه السقا

وأبو فريده إنتابه الكسوف والخجل من قطعةالجاتوه وزجاجة المياه الغازية وراح ينزوى بمعازيمه مجموعه تلو الأخرى فى الكافيه الملحق بالقاعة علهُ ينسيهم ماحاق بهم من كوميديا الحرص المنوفى الشديد وراح الأب يُداعب أصدقائه ومعازيمه حتى أنساهم ماحصل بالداخل .

قالت ديمه وبعد ياأمى وهى تضحك بصوت عالٍ يبدو أنها فهمت المغزى والمعنى من الكوميديا السوداء التى حدثت بفرح أمها وحينذاك سمع الأب على ضحكت ديمة بصوتها النحيف كجسدها الذى ورثته من أبيها المغبور .. وقالت تعالى ياجدى

فريدة تحكى لى حكاية زواجها من أبى

فجلس الأب على بجوارهما كأحد البيوت الآيلة للسقوط حالاً فلقد أعادت إليه ذكريات أراد أن يدفنها إلى آخر عمره فتلك الفترة القصيرة فى زمنها ولكنها غائرة فى أثرها

ويقول لإبنته فريدة أكملى الحكاية لعل هذه الليلة الثقيلة أن تنتهى وينبلج الصبح عن خير يعوضنا خيراـ عما أصابنا من قسوات الحياة

فريدة تنظر لأبيها نظرة التأييد والتوحد مع مايدور بخلده ولكنها إستجمعت قواها وراحت تكمل الحكاية ل ديمة

قصدنا منزل الزوجية وعاد جدك وجدتك إلى بيتهم وبدأت الليلة الأولى لى بعيدة عن بيت أهلى وأنا أشعر بالوحشة والإغتراب

أباكى يلف ويدور فى أنحاء الشقة بالدور الثانى فى بيت عائلته وهو متوترا جدا أكاد اسمع دقات قلبه المتسارعة وأنفاسه العاليه الصاخبة

وبعد قرابة الساعة من هذا التوتر حدث ماحدث ولكن النتيجة عادية جدا وأقل من العادى فمخاوفها زالت مع ذلك الرجل الأقل من العادى بعدة درجات لم تفهمها فريدة حينها فبنات العائلات أمثالها والتى لم تعرف شرقاـ أو غرباً أو كانت من هؤلاء اللاتى لهن تجارب جمة تتح لهن الفرق بين الغث والثمين

فقالت ديمه لأمها يعنى إيه يافريده فلحقها الأب ضاحكا وسعيدا بحفيدته قائلا ” يعنى قطة بلدى ياحبيبتى ” قالت ديمه مبتسمة ابتسامه بلهاء قائلة آاااه

وقال الأب وأنا ذهبت لأمك فى ظهيرة اليوم الثانى لأطمئن علىها وعلمنا ماعلمنا ان أبنتنا طاهرة عفيفة وأخذنا أمانتنا ودستها أم فريدة فى حقيبتها وهى فى قمة السعادة بعد أن ارتنى ليلة كلها توتر حتى إتصال فريدة بها وقالت لها بأن كله تمام

العريس بعد أن رحب بنا ورحبنا به وهنأناه بالزيجة السعيدة راح ينادينى بغرفة الأطفال المجاورة لمجلسنا العامر وفاجئنى بأمر لم أتوقعه ابداً فقد كانت كل مخاوفى أن يشتكى من إبنتى فى أول ليلة ولكن حقيقة الأمر أفجعنى وهالنى حينما أومأ برأسه مردداً كلمات يسميها الناس الطبيعيون فى قواميسهم بالعيب .. قائلاً كده بردو ياعمى تنسوا تجيبوا الجبن جمع جبنه بالعاميه مع بقية الحاجات ونضطر ناكل لحمه وحمام ” فابتسمت له إبتسامة صفراء فى حقيقة الأمر وقلت له بس كده ولا يهمك

وانزويت بابنتى واعطيتها ألفاً من الجنيهات ولم أخبرها ساعتها بما قاله لى هذا الشيء الذى يُدعى رجلا بالخطأ وقلت لها اعطه مائتى جنيه كى يستجلب لكم بعض علب الجبن وغيرها من السوبر ماركت

وتركت أحمالى الكثيرة التى أحضرتها معى لإبنتى الحبيبة نادماً على أن هذا النطع سيستولى عليها وربما يبيعها ليكسب ويدخر من ورائها فلقد علمت واثناء جلستى بأن لديه كراسه صفراء مثل اللمبى يسجل فيها ماتسمى ” النقطة ” كما يفعل أهلنا فى الريف ولكن ليس بتلك الفجاجة فلقد سمعته يصرخ فى امه قايلا ” أخوكى بينقطنى ب خمسين جنيه وأنا منقط ابنه ب خمسة وسبعين جنيه ”

ساعتها إنقبضت روحى وخفق قلبى لوعة وخوفا على إبنتى من مصير مجهول لهم معلوم لدى بحكم دراستى للطبائع البشرية ومآلاتها

بعيداً عن النوايا التى لا يملكها إلا الله

ذهبت من هناك مغاضباً ومعاتبا أمها بيد أن دمى قد إحترق هناك ويبدو ان الأم كانت تشاطره ماتوصل اليه إحساسه فهدأت من روعه حتى وصلا الى بيتهما

 

وتكمل فريدة الحكاية ف ديمة مستمتعه بتلك الرواية الطويلة التى لم تنته بعد

مر اليوم الثانى والثالث والسابع ومازال مسلسل القط البلدى ينجح نصف مرة ويفشل أغلب المرات .. فقالت ديمه لأمها كل شويه قط بلدى.. قط بلدى يعنى إيه يافريدة ؟ عندما تكبرين ياديمة ستفهمين وفى كل مرة يضحك الأب وابنته فشرُ البلية مايضحك فتلك الكوميديا السوداء علاجها فى أمرين الضحك ومرور الوقت .. هكذا علمتنا الحياة فى إحدى فصول التقوية التابعة لها .

وأردفت فريدة مبتسمة ومن نوادر وسواقط أباكى كان يلاحقنى بطول الشقة وعرضها لا ليغازلنى كأى عريسين فى شهر العسل .. فقد كان يطفىء كل مصباح أضيئه ولم يكن ذلك التصرف من وازع دينى وأخلاقى وإنما من باب الحرص والشح فلقد استرعى إنتباه أبى أن من نوادره الشتوية كان يغلف مراوح السقف بمنزلهم العامر بالبخل والشح فى أوج عظمته بأوراق الجرائد القديمة واللاصق البلاستيكى من باب الحفاظ على الأشياء العمر كله فإنه وأهله لا يؤمنون بعلم الفيزياء الذى يخبرنا وتعلمنا منه أن المادة تحمل عوامل فناءها لتعود لسيرتها الأولى كبنى آدم جميعهم فعودهم لا محالة إلى التراب .

وتضحك ديمة على قصة أمها الساخرة ونسيت تماما أن هذه قصتها بملامحها وتفاصيلها .. وقالت أكملى الحكاية يافريدة

وفريدة تنظر هذه المرة لأبيها الذى يشاطرهما الفراش والأحزان نفسها فدموعه مازالت متجمدة ومتحجرة فى عينيه لا ينبغى له ان يفرج عنها فإنها ستظل حبيسة عينيه حتى ينفرد بنفسه فيسقط شلالا قد يحدث فيضانا من حزن يكفى كل العالم حوله .

وتكمل فريدة الحكاية مسترسلة دون إنقطاع

كان ابوكى يذهب للعمل بالقاهرة لمدة اربعة أيام فى الأسبوع ويعود بقية الأسبوع إلى بلدته فى المنوفية

وكان يتركنى إهبط فى تلك الفترة الى الدور الأول حيث مقر أمه وأخته العانس لنتسامر معا برغم ثقل دمهم على قلبى والإبتسامة تخرج منى متثاقلة ولكن لا ضير فالصحبة الرديئة فى الليالى السوداء خير من الوحدة القاتلة التى أشعر بها فى شقتى حيث الهدوء القاتل وصوت البهائم الذى يشق صمت الليل فيرعبنى كثيرا فأنا إبنة المدينة بصخبها ولياليها المضيئة والصاخبة أما هنا الملل هو البطل .

وتمر الأيام القليلة متشابهة ولا تزيد إلا غموضا وسوءاـ

أبى وأمى منذ اليوم الثانى من زواجى لم يزورانى من شدة حزنهما على تلك الزيجة التى أحسا ساعتها بأنها فاشلة لا محالة

وأنا لم أظهر لهما بانوراما تعاستى ومسلسل قطوف من موائد النكد اللا أسرى فأنا لم أشعر أبدا بجو الاسرة الدافىء منذ أن تركت بيت والداى .

الزوج من كثرة حالات القط البلدى لديه إعتاد على النوم فى أحضان أمه بالطابق السفلى من بيتهم

حتى يهرب من أعباءه الزوجية الأساسية .. ولم يكن يخطر بخلدى أن هذا هو السبب الرئيسى فى رحيله القصير عن مخدعنا وفراشنا الطويل والبعيد فى عمر القلوب والمشاعر

وذات ليلة من اوائل ليالى الشتاء القاسية إنسل الزوج إلى الفراش ليثبت أنه ليس بالقط البلدى بعد أن إزدرد كل الأقراص المحفزة التى يتناولها القطط .. أقصد الرجال ليرتدوا ثوب الإجادة والتميز

ولكن يبدو أن حالة القط البلدى أصبحت متلازمه ك متلازمة داون لا يستطيع ان يخرج من دائرتها

فأشارت إليه فريدة بأن يذهب إلى الطبيب للعلاج على حد معرفتها الضحلة والرديئة فى تلك الامور وبعنف قوة الخائف والمرعوب صكها على وجهها قائلا إنتى قليلة الأدب ولم تجدى من يربيكى فأشاحت فريدة بوجهها عنه لا تعرف ماذا تفعل او تقول فلقد فاجئها أيما مفاجئة فأبويها لم يضرباها من قبل على وجهها

خرجت فريدة من حجرة النوم تلعن كل اللحظات والدقائق التى خفق ولو مرة تجاه ذلك المتطفل على الدفء العائلى والإنسانى حتى

تمر الساعات متثاقلة حتى تدرك مطلع الشمس من سحاءبها لترى ماذا تفعل حيال ذلك الطاغية المستبد فى ضعف والمستقوى فى هوان

إرتدى القط البلدى ملابسه للإنطلاق إلى عمله فى الصباح الباكر كالهارب من ساحة المعركة مذلولاً مدحوراـ ورغم ذلك مازال يسب ويلعن فيمن يسكه على راسه

فالوصول الى العمل هو السبيل الوحيد والأكيد للفرار من اللعنات التى تلاحقه وتلطم وجهه كما لطم فريده .. تلك الزوجه المغبونة والمصدومه والتى أوقعهاحظها العاثر فى طريق ذلك المدعى الرجولة والصلابة وهو محض كائن رخو يلتصق بالأشياء كالعلقة على الأسطح الملساء أو العلكة التى تتحد مع شعر النساء عند النوم

بإختصار هرب القط البلدى إلى القاهرة

وغلق الأبواب كلها على فريدة فصارت. كالعصفور حبيسة الجسد والانفاس لا تعرف ماذا تفعل ولاتدرى اى مآل وصلت إليه

أطلت برأسها من الشرفه فوجدت جارتها بالشرفة المقابلة وبالطبع لا تطيق الحديث عن ذلك القط البلدى

واردفت فريدة قائلة لقد اخذ تليفونى بالخطا واريد ان أكلم امى دعيها تهاتفنى على التليفون الارضى وبالطبع قالت جارتها مازال يضع قفلا عليه

فضحكت فريدة ضحكة ميتة تعلوها غبرة

الام تتصل بابنتها والتى وتسردلها كل الحدوته كاملة والام تنهار كمبنى مكون عشرة طوابق إثر زلزال بقوة عشرة ريختر فينهدم حالا

فاخبرت. فريدة بان تجمع بعضا من ملابسها وتخرج بحجة انها ذاهبة للسوق لٱبتياع بعضا مناحتياجات ذلك البيت البخيل بكل افراده حتى فى المشاعر الإنسانية

وجدت فريدة ولحسن طالعها نسخة من مفاتيح الشقة قد قام بدسها بداخل إحدى الفازات الموجودة بغرفة الصالون اسفل الورود الإصطناعية والجامدة كصاحبها

تنسل فريدة من البيت حتى لاتشعر أحدا بمغادرتها للبيت

وبالطبع تستقل اول سيارة اجرة تقابلها فى طريقها دون ان تسأل عن وجهتها فهى تريد الإبتعاد عن هذا المكان الردىء والذى يحمل فى نفسها غصة وكآبة وحزن برغم قصر الفترة التى قضتها فيها

تصل فريدة لموقف سيارات القاهرة وتحجز المقعد الخلفى من الميكروباص حتى تتوارى بأحزانها ودموعها عن أعين الناس فما أصعب المصريين فى تلك المواقف والملمات .. أسألتهم دقيقة وعميقة بل وكثيرة

فريدة إستقرت تماما بمكنها بالسيارة والهواء يداعب خصلة شعرها الظاهر منها ودموعها تتطاير على ملابسها كمطر ينزل على الأرض زخات تلو الزخات وشريط الأحداث يحفز تلك الدموع ان تتدفق دون انقطاع

فرىدة تشعر أن الطريق طويل رغم قصره فالمسافة بين بيت الزوجية التعس وبيت اهلها لا يتعدى الساعة .. ولكن الدقائق القاسية والحزينة حملها ثقيل يشبه النمل حاملا قوته رغم ثقله لكنه مضطر إضطرارا أن يسعى وينهى رحلته المقدرة عليه

أم فريدة تنتظر بموقف الميكروباص عودة إبنتها من رحلة شقائها فهى لا تطيق صبرا الإنتظار بالبيت وآثرت إستقبال إبنتها وجنينها الذى إستقر بأحشائها منذ اليوم الأول من زواجها .. فلله فى خلقه شئون … يشاء أن يجعل لهذا القط البلدى ذكرى فى الدنيا رغما عن الجميع

فالله سبحانه يعلمنا درسا أنه يهب لمن يشاء وضن على من يشاء وكل بحساب معلوم .. ماأعظم حكمتك ياالله … تطفأ الكبائر بالصغائر .. وتساوى بالإنجاب الإماء بالحرائر وتفعل ماتشاء فيمن تشاء وقتما تشاء .. خلقت الدنيا للتعليم والدرس والزرع الحرث من يومنا هذا إلى يوم البعث

تصل فريدة إلى موقف السيارات وعيناها تتفقد كل ركن فيه تنظر فى كل الوجوه والعيون والأشياء لا لتجد أمها فقط ولكن لتلقى بكل مافيها فى وعاء كبير يستوعب مابها من آلام واحزان خلفتها تلك التجربة الاكثر سوءا على الإطلاق

تلتقى الأم ابنتها وكأى عاشقين تقابلا بعد حرمان أخذا يزرفان نوعان من الدموع الفراق واللقاء فماأشدهما وطأة على القلب والنفس

وودعا هذا على مايبدو للأبد فلم يعد هناك داع لزيارة المقابر إن لم يكن لنا فيها احباب

عادتا الى البيت وفريدة مازالت لا تملك ان توقف دموعها المنهمرة التى لا تعرف من اين تأتى

وبينما فريدةوالام يقفان قبالة حجرة. الإستقبال يقع نظر فريدة على ابيها متصلبا كنخلة لم تصبها رياح فواقفة كالطود العظيم

لم تحتمل فريدة نظرة ابيها المدهوشة فهو ليس على علم بما حاكاه وحكياه معا هى واهما

ووقعت. على الارض مغشيا عليها كجلمود صخر حطه السيل من عل كما اخبرنا امرؤ القيس فى اشعاره

كان لسقوط فريدة على

الارض وقعا مؤلما على قلب ونفس الاب فإنه لم يدر ما الامر والكلمات توقفت فى حلقه ولا يعرف من أين يبدأ. ومن أين يسأل فكل الافكار إختلطت حتى ذابت فما عاد هناك شىء بعينه يستطيع أن ينطلق منها

وفى تلك الاثناء الاب والأم مشغولان بوضع ابنتيهما على فراشها القديم الذى لم يطأه احدا بعد مغادرة فريدة لبيتها الأبوى.

الأب والأم راحا يرمقا بعضيهما وكأن عيونهما تتلاسنا الى حد الصراع فهو يقول لها أنهاالسبب وهى تقول إنه النصيب والقدر وظلا على هذا الوضع المتنامى من العراك الأسرى الصامت

كما فى أفلام العشرينات والثلاثينات من القرن الماضى

واومأ الاب برأسه غاضبا لدرجة الاحمرار والفوران مشيراً للأم بالخروج من حجرة إبنتيهما

وبالفعل وبحركات سريعه كانا فى نهاية الطرقةالمؤدية الى حجرتيهما وبنبرة كلها أسى وحسرة وألم

مالذي فعلتيه بإبنتى

والأم تنهمر الدموع من عينيها تسقط حمما بركانيه تحرق وجنتيهامخلفة ورائها آثارا مؤلمة لاتشفى إلا بالموت

وبنبرة واهنه أضعفها كثرة الألم .. تقول لزوجها لقد كنت أريد الخير لإبنتى ولكنه النصيب والقدر الذى يفرض علينا أطروحاته

من آن لآخر ليعلمنا بوجوده الدائم

وتستطرد فريده فى حكايتها مداعبةً الصغيرة ديمه ” ماأحلى شعرك الاسود الحريرى الذى يشبه الليل فى سواده اللامع والدافىء فى ليلة قمرية ” وراحت فريدة تداعب رأس إبنتها الجميلة والنحيلة حتى أغمضت عينيها السوداوين الجميلتين وفريده ينهار جسدها مباشرة على الفراش وتلثم وسادتها بخدها الملىء بخطوط دمعية تشبه روافد النهر عند الفيضان

أم فريدة على فراشها هى الأخرى بعد أن طالتها تلك الاحلام السوداء والكوابيس البغيضة .. فهى تعانى من آلام مبرحة جراء ماألم بإبنتها ورحلتها فى عالم الشقاء الزوجى وآثاره الثقيلة على النفس

وبعد ان تنفس الصبح وبزغت شمسه بإرسالها سليلا من شعاعها الحانى والناعم ليصل لام فريدة ليقف علي عينيها وكأنه يدق على بابها لتفتح له ليعطيها باقة أمل مع إشراقة يوم جديد

الأم ومازالت الليلة الماضية ترسم الاحزان على وجهها مخلفا وراءه يأس شديد من كل شىء

واستفاقت الام من نومها لتراجع حساباتها وتنظر فى النتيجه وتتعجب وهى لا تصدق وتفرك فى عينيها ثانية

ووجها يتهلل فرحاً … هل جنت الام هل ماحدث لإبنتها أثر عى قواها العقليه فراحت تهرب بالضحكات من مآسيها

يبدو أن هناك امر جلل او شىء عظيم حدث غير من مآلها وافعالها وأحاسيسها

وراحت الأم تهرول إلى حجرة فريدة وتوقظها وتحتضنها باشتياق وكأنها تراها منذ زمن بعيد وليس منذ بضع ساعات مضت وفريدة مستغربة من تصرفات امها ففريدة متعبة جدا من لفها ودورانها للبحث عن حذاء يليق بفستان زفافها ومازالت الأم تحتضن فريدة وتضحك على ماتفعله امها بها فهى تنظر لها وتتحسسها ثم تعود لتحتضنها ثانية

إلى أن استوقفتها فريدة بقليل من العنف حتى توقفت عما تفعله ومازالت الابتسامه تعلو وجهها وكأنها فازت بجائزة نوبل لربات البيوت

وراحت الأم تنادى على الاب ليستيقظ من صوتها العالى منزعج ومتسائلا ماالذى حدث جعلها تملأ البيت صياحاً ومناداة على من فى البيت

وبعد أن هدأت الام راحت تروى حلمها الاسود والمظلم والاكتئابى بكل تفاصيله

والأب يضحك وفريدة تصيح أنا انجبت بنت إسمها ديمة وماذا أيضاً ياامى ألم يكن هناك ولد آخر وأسميناه أبو الدماديم

الاسرة كلها سعيدة بتلك النتيجة وكأنه كابوس واستراحوا منه

والبيت إزدان بالفرحة والشمس تتسلل إليهم لتلقى التحية بدفئها الحنون قبل ان تصل إلى آتونها الحارق

ونسمات من هواء عليل يشفى من كل علة وسقم

الأجواء فرحه حتى المناخ لم يكن مثاليا هكذا يوما

ٱحيانا يرسل الله قدره فى رؤية او حلم لينفذ مشيئته برحمة ورفق ولطف

قد يتمسك الإنسان بأهدافه وأهواءه بتلابيبه ظناً منه أنها ستحقق مآربه ولكنه يكتشف وللأسف أن ما كان يرنو إليه .. هو الهلاك بعينه

 

تمت ……

المؤلف : خالد فضل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى