مقال

الأسباط عليهم السلام ” جزء 6″

الأسباط عليهم السلام ” جزء 6″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السادس مع الأسباط عليهم السلام، والأسباط حفدة يعقوب وذرارى أبنائه الاثنى عشر، ويدل ذلك على أن المقصود بكلمة الأسباط هو الامتداد النسبى لأولاد يعقوب، الذين يمثلون مجتمعا متعددا بتعدد الآباء، ولكن ذلك لا ينطبق على نبى الله يعقوب عليه السلام الذى هو الأب لهم وليس فرعا والأسباط جمع سبط، كأحمال وحمل، وهم أولاد إسرائيل وهو اسم يعقوب وقيل هم فى أولاد إسحاق كالقبائل فى أولاد إسماعيل، مأخوذ من السبط، وهو شجرة كثيرة الأغصان، فكأنهم سموا بذلك لكثرتهم، وقيل من السبوطة، وهى الاسترسال، وقيل إنه مقلوب البسط، وقيل إن الحسنين سبطا رسول الله صلى الله عليه وسلم لانتشار ذريتيهما، وقيل لكل ابن بنت سبط، وهذا هو المشهور فى الاستعمال العرفى وكذا قيل له حفيد أيضا.

 

وقد جاء فى المفردات للراغب الأصفهانى، والسبط ولد الولد، كأنه امتداد لفروع، ويعقوب والأسباط، أى قبائل كل قبيلة من نسل رجل أسباطا أمما واختلف الناس فى الأسباط أولاد نبى الله يعقوب، هل كانوا كلهم أنبياء أم لا؟ والذى صح عندى كما يتحدث الأصفهانى وهو الثانى، وهو المروى عن جعفر الصادق رضى الله عنه، وإليه ذهب السيوطى وألف فيه، لأن ما وقع منهم مع نبى الله يوسف عليه السلام ينافى النبوة قطعا، وكونه قبل البلوغ غير مسلم، لأن فيه أفعالا لا يقدر عليها إلا البالغون، وعلى تقدير التسليم، لا يجدى نفعا على ما هو القول الصحيح فى شأن الأنبياء، وكم كبيرة تضمن ذلك الفعل، وليس فى القرآن الكريم ما يدل على نبوتهم، وإن الأسباط هم يوسف وإخوته بنو يعقوب، وقد ولد كل واحد منهم أمة من الناس، فسموا الأسباط.

 

وبه قال السدى والربيع ومحمد بن إسحاق، وذكروا أسماء الاثنى عشر يوسف وبنيامين وزبالون وروبيل ويهوذا وشمعون ولاوى ودان وقهاب ويشجر ونفتالى وجاد، وأشرفهم ولد يعقوب ولا خلاف بين المفسرين، إنهم كانوا أنبياء والذى يقتضيه مذهبنا، أنهم لم يكونوا أنبياء بأجمعهم، لأن ما وقع منهم من المعصية فيما فعلوه بنبى الله يوسف لا خفاء به، والنبى معصوم من القبائح، صغيرها وكبيرها، وليس فى ظاهر القرآن الكريم ما يدل على أنهم كانوا أنبياء، وأما عن قوله تعالى ” وما انزل إليهم ” لا يدل على أنهم كانوا أنبياء، لأن الإنزال يجوز أنه كان على بعضهم ممن كان نبيا، ولم يقع منه ما ذكرناه من الأفعال القبيحة، ويحتمل أن يكون مثل قوله ” وما انزل إليهم ” وأن المنزل على النبى خاصة، لكن المسلمين لما كانوا مأمورين بما فيه، أضيف الإنزال إليهم.

 

وقد روى العياشى فى تفسيره عن حنان بن سدير عن أبيه عن أبى جعفر الباقر رضى الله عنه، قال قلت له أكان ولد يعقوب أنبياء؟ قال لا، ولكنهم كانوا أسباطا أولاد الأنبياء، ولم يكونوا فارقوا الدنيا إلا سعداء، وأنهم تابوا وتذكروا ما صنعوا، وجاء فى تفسير الميزان للعلامة الطباطبائى رحمه الله، أن الأسباط فى بنى إسرائيل كالقبائل فى بنى إسماعيل، والسبط كالقبيلة، الجماعة يجتمعون على أب واحد، وقد كانوا اثنى عشر سبطا أمما، وكل واحد منهم ينتمى إلى واحد من أولاد يعقوب، وكانوا اثنى عشر، فخلف كل واحد منهم أمة من الناس، فإن كان المراد بالأسباط الأمم والأقوام، فنسبة الإنزال إليهم لاشتمالهم على أنبياء من سبطهم، وإن كان المراد بالأسباط الأشخاص، كانوا أنبياء أنزل إليهم، وليسوا بإخوة نبى الله يوسف لعدم كونهم أنبياء.

 

وإن نظير الآية فى قوله تعالى ” وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى” وإن الظاهر أن الوحى كان لنبى الله الخليل إبراهيم، فهو الذى خاطبه الله برسالته، وفرض عليه الملة الحنيفية من خلال العنوان الإسلامى الشامل لكل مفردات الرسالة وكل إيحاءاتها، ثم اتبعه أبناؤه وأحفاده فى الالتزام بهذا الوحى الإلهى، كما لو كانوا ممن أوحى إليهم به، وهكذا، كان ذكر الأسباط امتدادا للذرية الطيبة من نسل إبراهيم فى حركة الزمن، بحيث تتابع فيها الأنبياء والصالحون والملتزمون بالإسلام، الذى كان وصية إبراهيم لولده بالسير فى خطه الأصيل، ووصية يعقوب لبنيه عند وفاته، بأن تنتهى حياتهم بالإسلام، وأن تكون عقولهم وقلوبهم وحياتهم فى خط التوحيد، ولكن قيل أن الأسباط هم الأنبياء من بني إسرائيل من ذرية أبنائه الاثني عشر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى