مقال

الدكرورى يكتب عن مفهوم الأم في الإسلام ” جزء 9″

الدكرورى يكتب عن مفهوم الأم في الإسلام ” جزء 9″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء التاسع مع مفهوم الأم في الإسلام، وفى الحديث الشريف المتقدم أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قال “من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال أمك، قال ثم من؟ قل أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أبوك” فلقد أكد رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم على الأم ثلاث مرات والأب مرة واحدة، وذلك لما تعانيه الأم من مشقة وتعب منذ أن تكون حاملا حتى آخر يوم في حياتها ، فهى تضحى من أجل أطفالها وتؤثرهم على نفسها وتسعد لسعادتهم وتحزن لحزنهم وتنام وهى تفكر في أبنائها، وتتعب من أجلهم وكذلك تسهر لإراحتهم، ولقد وقع التقصير منا في حق الأمهات، حتى شاهدنا وسمعنا الكثير من يترك أمه سنوات عديده ولم يكلمها، وكيف يسيء لها بالكلام السيء ولا يرعها ولا يخدمها، ويغلظ اليها القول، ويعاملها بقسوة.

وهذا قطعا مسكين، فضيع الجنة، وهذا من العقوق فاحذر غضب الله عليك، فالأم غالية وعزيزة، فعلى من علم فضلها أن يبادر بكل الطرق بالإحسان اليها ويدخل عليها السرور، ويجنبها ما يحزنها ويتعبها، وأن يسال عنها، ويجلب لها ما تحبه، ألا فليتق الأولاد الله في أمهاتهم، وليقدّروا للأم حقها وبرّها، ولينتهين أقوام عن عقوق أمهاتهم، قبل أن تحل بهم عقوبة الله تعالى وقارعته، ففي الصحيحين يقول النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” إن الله عز وجل حرم عليكم عقوق الأمهات” وعند الترمذى في جامعه عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قال ” إذا فعلت أمتى خمس عشر خصلة حل بها البلاء” وذكر منها ” وأطاع الرجل زوجته وعق أمه وبر صديقه وجفا أباه” وهن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما قال، جاء رجل إعرابى.

الى النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ما الكبائر؟ فقال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” الإشراك بالله” قال ثم ماذا ؟ قال “ثم عقوق الوالدين ” قال ثم ماذا ؟ قال ” اليمين الغموس ” رواه البخارى، ألا ولا يعجبنّ أحد ببره بأمه، أو يتعاظم ما يسديه لها، فبرها طريق إلى الجنة، فقد جاء عند البيهقى في شعب الإيمان، والبخاري في الأدب المفرد “أن أبا بردة بن أبي موسى الأشعري حدث أنه شهد ابن عمر رضى الله عنهما رجلا يمانيا يطوف بالبيت، حمل أمه وراء ظهره يقول إنى لها بعيرها المذلل، إن أذعرت ركابها لم أذعر، الله ربي ذو الجلال الأكبر، حملتها أكثر مما حملتنى، فهل ترى جازيتها يا ابن عمر؟ قال ابن عمر لا، ولا بزفرة واحدة” ولنعلم أن عقاب الله تعالى في الدنيا قبل الآخرة لمن أغضب والديه وخاصة الأم.

ففى سنن الترمذى عن أبى بكرة قال النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم” ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة فى الدنيا مع ما يدخر له فى الآخرة من البغى وقطيعة الرحم ” وعقوق الوالدين من قطيعة الرحم، ومما يعين على حفظ المكانة العظيمة للأم، والاجتهاد في برها معرفة أحوال النبيين والصالحين مع أمهاتهم، فتأمل حال صغرك، وتذكر ضعف طفولتك، فقد حملتك أمك في بطنها تسعةَ أشهر وهنا على وهن، حملتك كرها ووضعتك كرها، تزيدها بنموك ضعفا، وتحملها فوق طاقتها عناء، وهي ضعيفة الجسم واهنة القوى، وعند الوضع رأت الموت بعينها، زفرات وأنين، غصص وآلام، ولكنها تتصبر، تتصبر، تتصبر، وعندما أبصرتك بجانبها وضمتك إلى صدرها واستنشقت ريحك وتحسست أنفاسك تتردد نسيت آلامها وتناست أوجاعها.

رأتك فعلقت فيك آمالها ورأت فيك بهجة الحياة وزينتها، ثم انصرفت إلى خدمتك ليلها ونهارها، تغذيك بصحتها، وتنميك بهزالها، وتقويك بضعفها، فطعامك درّها وبيتك حجرها، ومركبك يداها، تحيطك وترعاك، تجوع لتشبع، وتنهر لتنام، فهي بك رحيمة، وعليك شفيقة، إن غابت عنك دعوتها، وإذا أعرضت عنك ناجيتها، وإذا أصابك مكروه استغثت بها، تحسب الخير كله عندها، وتظن الشر لا يصل إليك إذا ضمتك إلى صدرها أو لاحظتك بعينها، فلما تم فصالك في عامين وبدأت بالمشي، أخذت تحيطك بعنايتها وتتبعك نظراتها وتسعى وراءك خوفا عليك، ثم كبرت وأخذت منك السنين، فأخذ منها الشوق والحنين، صورتك أبهى عندها من البدر إذا استتم، صوتك أبدى على مسمعها من تغريد البلابل وغناء الأطيار، ريحك أروع عندها من الأطياب والأزهار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى