مقال

منزلة الصدق من الدين ” جزء 1″

منزلة الصدق من الدين ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

إنه لا ريب أن الصدق خصلة محمودة، وسجية مرغوبة، تألفها الفطر السوية، وتدعو إليها الشرائع السماوية, فهو فضيلة قلما تتوفر في إنسان إلا ورفعته إلى أوج السعادة النفسية, وذروة الكمال الذاتي, ومنتهى مراقي الإنسانية، وأن الناس جبلوا على الاقتداء والتأسي، فإذا رأوا شخصا تقيا ورعا صادقا انتهجوا مناهجه واقتفوا أثره، وإن بالصدق تعلو منزلتك عند الخالق العظيم ويشرف قدرك عند خلقه، وبالصدق يصفو بالك ويطيب عيشك، ومن أجل ذلك كله كان الصدق من أهم المطالب في هذه الحياة، لذا فهو منجاة والطريق إليه صعب المنال، فلا يطيقه إلا أهل العزائم ولا يصبر عليه إلا أصحاب الهمم، فاصدق مع الله تعالى ترى كل خير واستحضر ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال.

 

 

“من سأل الله الشهادة بصدق، بلغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه” رواه مسلم، فانظر لما سأل الله وكان صادقا رفعه الله إلى رتبة الشهداء، واحذر الكذب مع الله تعالى فإذا كان الصدق مع الله تعالى بهذه المنزلة، فقد حذر الله عباده من ضد ذلك وبين سوء العاقبة لمن وقع فيه, فإن الكذب رأس الرذائل، فبالكذب يتصدع بناء المجتمع، ويختل نظامه، ويسقط صاحبه من العيون، وتدور حوله الظنون، فلا يصدقونه في قول، ولا يثقون به في عمل، ولا يحبون له مجلسا، أحاديثه منبوذة، وشهادته مردودة، فقال ابن حبان رحمه الله “الصدق يرفع المرء في الدارين، كما أن الكذب يهوي به في الحالين، ولو لم يكن الصدق تحمد إلا أن المرء إذا عرف به قبل كذبه، وصار صدقا عند من يسمعه.

 

لكان الواجب على العاقل أن يبلغ مجهوده في رياضة لسانه، حتى يستقيم له على الصدق ومجانبة الكذب” فإذا عرفنا أن الصدق من أسس دعوته صلى الله عليه وسلم، وهو في مكة، وعلمنا منزلة الصدق من الدين وأنه مما يبدأ به في الدعوة، إلى أي شيء ندعو الناس إليه كالتوحيد وأشياء كثيرة، منها ما جاء في حديث هرقل مع أبي سفيان، والحديث في البخاري قال له “سألتك ماذا يأمركم؟ فزعمت أنه أمركم بالصلاة والصدق والعفاف والوفاء بالعهد وأداء الأمانة قال وهذه صفة نبي” رواه البخاري، فبعد الصلاة مباشرة أمرهم صلى الله عليه وسلم، بالصدق، وقد حثت الشريعة على التحلي بهذا الخلق العظيم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم، موضحا ما أمر الله عز وجل به عندما قال ” وكونوا مع الصادقين ”

 

فقال النبي صلى الله عليه وسلم “اضمنوا لي ستا من أنفسكم أضمن لكم الجنة، اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم” رواه أحمد، ويعني بذلك عن الحرام، وفي رواية قال صلى الله عليه وسلم ” اكفلوا لي ستا أكفل لكم الجنة، إذا حدث أحدكم فلا يكذب، وإذا ائتمن فلا يخن، وإذا وعد فلا يخلف، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم، واحفظوا فروجكم ” رواه احمد، وقال النبي صلى الله عليه وسلم، أربع إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا ” صدق الحديث، وحفظ الأمانة وحسن الخلق، وعفة مطعم” رواه أحمد، وقال النبي صلى الله عليه وسلم، مجيبا على سؤال من هو خير الناس؟ قال صلى الله عليه وسلم؟

 

” خير الناس ذو القلب المخموم واللسان الصادق، قيل ما القلب المخموم؟ قال هو التقي النقي الذي لا إثم فيه ولا بغي ولا حسد” رواه البيهقي، فصاحب اللسان الصادق والقلب المخموم، السليم من الإثم والبغي والحسد هو خير الناس، وقد كان أحب الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أصدقه، وورد ذلك في صحيح البخاري “لما جاء وفد هوازن مسلمين فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم، أن يرد إليهم أموالهم وسبيهم لأن أموالهم وسبيهم قد أخذت من قبل المسلمين في المعركة، لكن القوم الكفار أسلموا بعد ذلك، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، معي من ترون وأحب الحديث إليّ أصدقه فاختاروا إحدى الطائفتين، إما السبي وإما المال إلى آخر الحديث الذي فيه تنازل المسلمين عن السبي لصالح وفد هوازن الذين جاءوا مسلمين “رواه البخاري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى