مقال

الخليفة الأموي مروان بن محمد “جزء 2”

الخليفة الأموي مروان بن محمد “جزء 2”

بقلم / محمـــد الدكــــرورى

ونكمل الجزء الثاني مع الخليفة الأموي مروان بن محمد، وكان الحكمين هم عمرو بن العاص وأبو موسى الأشعري، وهم المحكمين فى الفتنة الكبرى بين معاوية بن أبي سفيان والإمام على بن أبى طالب، وقالوا لا حكم إلا لله، ولقد توالت الأحداث بعد ذلك بين علي والذين خرجوا عليه، ومحاولته إقناعهم بالحجة، ولكنهم لم يستجيبوا، ثم قيام الحرب وهزيمتهم وهروبهم إلى سجستان واليمن، وبعثهم من جديد وتكوين فرق كانت لها صولات وجولات من حين لآخر على الحكام والأئمة المسلمين، وكان الخليفه مروان بن محمد قد ضرب فيه المثل فيقال أصبر في الحرب من حمار، وقيل عن لقب الحمار أن العرب كانت تسمي كل مائة عام حمارا، فلما قارب ملك آل أمية مائة سنة لقبوا مروان بالحمار، وذلك مأخوذ من موت حمار العزير عليه السلام وهو مائة عام.

 

وقد حدث الخلاف بين مروان ويزيد بن الوليد، وكان السبب في ذلك أن الوليد بن يزيد لما قتل، كان عبد الملك بن مروان بن محمد مع الغمر بن يزيد أخو الوليد في حران بعد انصرافه من الصائفة وكان الوالي على الجزيرة عبدة بن الرياح الغساني عاملا للوليد، والجزيرة، كانت هى الجزيره الفراتية وتقال اختصارا الجزيرة وتاريخيا فهى إقليم أقور وهي إقليم يمتد عبر شمال شرق سوريا وشمال غرب العراق وجنوب شرق تركيا، وهي الجزء الشمالي من وادي الرافدين، ويحدها من الشرق جبال زاغروس ومن الشمال جبال طوروس وإلى الجنوب بادية الشام ومنخفضات الثرثار والحبانية، فلما قتل الوليد سار عبدة عنها إلى الشام فوثب عبد الملك بن موران بن محمد على حران والجزيرة.

 

فضبطهما وكتب إلى أبيه في أرمينيا يعلمه بذلك ويشير عليه بتعجيل السير، وأرمينيا وهي بلد جبلي غير ساحلي ويقع في القوقاز في أوراسيا، حيث تتوضع عند ملتقى غرب آسيا وشرق أوروبا، وتحدها تركيا من الغرب وجورجيا من الشمال وجمهورية الأمر الواقع ناغورني كاراباخ وآذربيجان في الشرق، أما من الجنوب فتحدها إيران ومكتنف ناخيتشيفان الأذربيجاني، وأرمينيا هى جمهورية سابقة من الاتحاد السوفيتي، وحاليا تحكمها الديمقراطية والتعددية الحزبية وهي دولة قومية ذات تراث ثقافي ضارب في التاريخ، وكانت مملكة أرمينيا أول دولة تعتمد المسيحية دينا لها في السنوات الأولى من القرن الرابع، فتهيأ مروان للمسير وأنفذ إلى الثغور من يضبطها ويحفظها.

 

وأظهر أنه يطلب بدم الوليد وسار ومعه الجنود ومعه ثابت بن نعيم الجذامي من أهل فلسطين، وكان سبب صحبته له أن الخليفة السابق هشام بن عبد الملك كان قد حبسه، وسبب حبسه أن هشام أرسله إلى إفريقية لما قتلوا عامله كلثوم بن عياض القشيري، وإفريقية أو المغرب الأدنى، وهي الاسم الذي أطلقه العرب على المنطقة المكونة من تونس الحالية ومنطقتي طرابلس وهى شمال غرب ليبيا وقسنطينة وهى شمال شرق الجزائر، والتي شكلت ولاية تابعة للدولة الإسلامية إبّان الفتح الإسلامي للمغرب، وهي، إلى حد ما، نفسها المناطق التي كانت في ما سبق تشكل مقاطعة إفريقية، وتشمل إفريقية أساسا شمال الجمهورية التونسية وشرق الجزائر وغرب ليبيا تريبوليتانا ومركزها القيروان.

 

 

 

وقد أفسد ثابت بن نعيم الجند فحبسه هشام وقدم مروان على هشام، وطلب أن يعفو عنه، ثم رافقه ثابت إلى أرمينيا، وبعد سنوات، أثناء مقتل الوليد بن يزيد وسير مروان إلى الشام للطلب بدم الوليد، أمر ثابت بن نعيم من مع مروان من أهل الشام بالانضمام إليه ومفارقة مروان ليعودوا إلى الشام، فأجابوه إلى ذلك فاجتمع معه ضعف من مع مروان وباتوا يتحارسون، فلما أصبحوا اصطفوا للقتال فامر مروان منادين ينادون بين الصفين يا أهل الشام ما دعاكم إلى هذا ألم أحسن فيكم السيرة فأجابوه بأنا كنا نطيعك بطاعة الخليفة وقد قتل وبايع أهل الشام يزيد فرضينا بولاية ثابت ليسير بنا إلى أجنادنا، فنادوهم كذبتم فإنكم لا تريدون ما قلتم وإنما تريدون أن تغصبوا من مررتم به من أهل الذمة أموالهم، وما بيني وبينكم إلا السيف حتى تنقادوا إلي فأسير بكم إلى الغزاة ثم أترككم تلحقون بأجنادك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى